تدريسه في المسجد الحرام
بينما كان الشيخ رحمت الله في طواف العمرة التقى بالحاج إمداد الله الذي وصل إلى مكة قبله فأكملا السعي معا، ثم اصطحبه إلى سكنه في رباط داود قرب باب العمرة
وأقام معه. وكانا يترددان على الحرم للعبادة ولسماع دروس العلم، وكان الشيخ رحمت الله يفتي على المذهب الحنفي، فسمع الشيخ رحمت الله الشيخَ أحمد بن زيني دحلان (إمام وخطيب المسجد الحرام آنذاك) ينتصر لمذهب الشافعي ويضعِّف أدلة غيره، فسأله بتواضع طلاب العلم عن سبب انتصاره لمذهب الشافعي وطال النقاش بينهما فأدرك الشيخ دحلان أن السائل من كبار العلماء، فأخذ بيده وطلب منه التعرف عليه، فاختصر له ظروفه وسبب مجيئه إلى مكة، ثم اصطحبه إلى بيته وعمل وليمة كبيرة دعا إليها العلماء وطلب من الشيخ رحمت الله الحديث عن المناظرة وما يلاقيه المسلمون في الهند من جور الإنكليز، ثم أعطاه إجازة التدريس في المسجد الحرام وسجل اسمه في السجل الرسمي لعلماء الحرم. وفي مكة طلب الأستاذ العلامة السيد أحمد بن زيني دحلان من الشيخ رحمت الله أن يترجم للعربية مسائل المباحث الخمسة السابقة جامعا إياها من الكتب والرسائل التي ألفها في هذا الباب. ولما رأى الشيخ أن الدراسة في المسجد الحرام ليس لها منهاج ثابت وأنها تقتصر على العلوم الدينية واللغة العربية، أراد إدخال علوم جديدة كالهندسة والرياضيات وعلم المناظرة والعلوم الفكية، وأحضر الكتب اللازمة من الهند، وكان يوما مشهورا في تاريخ التدريس في المسجد الحرام عندما أخذ الشيخ رحمت الله يدرس كتاب حجة الله البالغة في حكمة التشريع، وشرح الجغميني في علم الفلك، ومقدمة ابن خلدون، وقد فصل في تدريسه بين علمي النحو والصرف بعد أن كانا يدرسان معا، وكان يقوم بتدريس هذه العلوم في داره حتى تخرج على يديه كثير من العلماء والقضاة وكبار الموظفين الذين كان لهم دور كبير فيما بعد تاريخ مكة والجزيرة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق