hhhh

4587

juiol

المقصد الثاني: في إثبات التحريف بالزيادة


المقصد الثاني: في إثبات التحريف بالزيادة

(الشاهد الأول) اعلم أن ثمانية كتب من العهد العتيق كانت مشكوكة غير مقبولة عند المسيحيين إلى ثلثمائة وأربع وعشرين سنة وهي هذه:
[1] كتاب أستير. [2] كتاب باروخ. [3] كتاب طوبيا. [4] كتاب يهوديت. [5] كتاب وزدم. [6] كتاب إيكليز ياستيكس. [7] الكتاب الأول لمقابيين. [8] الكتاب الثاني لمقابيين. وفي سنة ثلثمائة وخمس وعشرين من السنين المسيحية انعقد مجلس العلماء المسيحية بحكم السلطان قسطنطين في بلدة نائس، ليشاوروا ويحققوا الأمر في هذه الكتب المشكوكة، فبعد المشاورة والتحقيق حَكَمَ هؤلاء أن كتاب يهوديت واجب التسليم، وأبقوا باقي الكتب مشكوكة كما كانت، وهذا الأمر يظهر من المقدمة التي كتبها جيروم على ذلك الكتاب، ثم بعد ذلك انعقد مجلس لوديسيا في سنة ثلثمائة وأربع وستين، فعلماء هذا المجلس سلموا حكم علماء المجلس الأول في كتاب يهوديت، وزادوا عليه من الكتب المذكورة كتاب أستير، وأكدوا حكمهم بالرسالة العامة، ثم بعد ذلك انعقد مجلس كارتهيج في سنة ثلثمائة وسبع وتسعين، وكان أهلُ ذلك المجلس مائة وسبعة وعشرين عالماً من العلماء المشهورين ومنهم الفاضل المشهور المقبول عندهم اكستائن، فهؤلاء العلماء سلموا أحكام المجلسين الأولين، وسلموا الكتب [ص 237] الباقية، لكنهم جعلوا كتاب باروخ بمنزلة جزء من كتاب أرمياء، لأن باروخ عليه السلام كان بمنزلة نائب لأرمياء عليه السلام، فلذلك ما كتبوا اسم كتاب باروخ على حدة في أسماء الكتب، ثم انعقد بعد ذلك ثلاثة مجالس أخر أعني مجلس ترلو، ومجلس فلورنش، ومجلس ترنت، وعلماء هذه المجالس الثلاثة سلموا أحكام المجالس الثلاثة السابقة، فبعد انعقاد هذه المجالس صارت الكتب المذكورة مسلمة بين جمهور المسيحيين، وبقيت إلى مدة ألف ومائتي سنة، ثم ظهرت فرقة البروتستنت فردوا حكم أسلافهم في كتاب باروخ وكتاب توبيا وكتاب يهوديت وكتاب وزدم وكتاب إيكليزياستيكس وكتابي المقابيين وقالوا: إن هذه الكتب ليست مسلمة إلهامية، بل واجبة الرد، وردوا حكمهم في جزء من كتاب أستير وسلموا في جزء، لأن هذا الكتاب كان ستة عشر باباً فسلموا الأبواب التسعة الأولى، وثلاث آيات من الباب العاشر، وردوا عشر آيات من هذا الباب، وستة أبواب باقية، وتمسكوا بوجوه منها: أن يوسي بيس المؤرخ صرح في الباب الثاني والعشرين من الكتاب الرابع أن هذه الكتب حرفت سيما الكتاب الثاني لمقابيين، ومنها أن اليهود لا يقولون إنها إلهامية، والكنيسة الرومانية التي متبوعها إلى الآن أيضاً أكثر من فرقة البروتستنت تسلم هذه الكتب إلى هذا الحين، ويعتقدون أنها إلهامية واجبة التسليم، وهي داخلة في ترجمتهم اللاطينية التي هي مسلمة ومعتبرة عندهم غاية الاعتبار، ومبنى دينهم ودياناتهم. إذا علمتَ هذا فأقول: أي تحريف بالزيادة يكون أزيد من هذا؟. عند فرقة البروتستنت واليهود أن الكتب التي كانت غير مقبولة إلى ثلثمائة وأربع وعشرين سنة وكانت محرفة غير إلهامية جعلها أسلاف المسيحيين في المجالس المتعددة واجبة التسليم، وأدخلوها في الكتب الإلهامية، وأجمع الألوف من علمائهم على حقيقتها وإلهاميتها، والكنيسة الرومانية إلى [ص 238] هذا الزمان تصر على كونها إلهامية، فظهر من هذا أنه لا اعتبار لإجماع أسلافهم، وليس هذا الإجماع دليلاً ضعيفاً على المخالف فضلاً عن أن يكون قوياً، فكما أجمعوا على هذه الكتب المحرفة الغير الإلهامية يجوز أن يكون إجماعهم على هذه الأناجيل المروّجة مع كونها محرفة غير إلهامية، ألا ترى أن هؤلاء الأسلاف كانوا مجمعين على صحة النسخة اليونانية وكانوا يعتقدون تحريف النسخة العبرانية، وكانوا يقولون إن اليهود حرفوها في سنة مائة وثلاثين من السنين المسيحية، كما عرفت في الشاهد الثاني من المقصد الأول. والكنيسة اليونانية وكذا الكنائس المشرقية إلى هذا الحين أيضاً مجمعون على صحتها واعتقادها كاعتقاد الأسلاف، وجمهور علماء البروتستنت أثبتوا أن إجماع الأسلاف وكذا اختلاف المقتدين بهم غلط، وعكسوا الأمر فاعتقدوا وقالوا في حق العبرانية ما قال أسلافهم في حق اليونانية، وكذلك أجمع الكنيسة الرومانية على صحة الترجمة اللاطينية وعلماء البروتسنت أثبتوا أنها محرفة، بل لم تحرف ترجمة مثلها. قال هورن في المجلد الرابع من تفسيره نسخة سنة 1822 صفحة 463: "وقع التحريفات والإلحاقات الكثيرة في هذه الترجمة من القرن الخامس إلى القرن الخامس عشر" ثم قال في الصفحة 467: "لا بد أن يكون ذلك الأمر في بالك أن ترجمة من التراجم لم تحرَّف مثل اللاطينية.
ناقلوها من غير المبالاة أدخلوا فقرات بعض كتاب من العهد الجديد في كتاب آخر، وكذا أدخلوا عبارات الحواشي في المتن، وإذا كان فعلهم بالنسبة إلى ترجمتهم المقبولة المتداولة غاية التداول فكيف يرجى منهم أنهم لم يحرِّفوا المتن الأصلي الذي لم يكن متداولاً بينهم مثلها يقيناً؟، بل الأظهر أن من بادر منهم إلى تحريف الترجمة بادر إلى تحريف الأصل، ليكون لفعله ستر عند قومه، والعجب من فرقة البروتسنت أنهم لما أنكروا هذه الكتب لِمَ أبْقَوْا جزءاً من كتاب أستير، ولِمَ لَمْ ينكروه رأساً؟؟ لأن هذا الكتاب لا يوجد [ص 239] فيه من أوله إلى آخره اسمٌ من أسماء اللّه فضلاً عن بيان صفاته أو حكم من أحكامه، ولا يعلم حال مصنفه، وشارحو العهد العتيق لا ينسبونه إلى شخص واحد على سبيل الجزم بالدليل بل بالظن والتخمين رجما بالغيب، فبعضهم نسبوا إلى علماء المعبد الذين كانوا من عهد عزرا عليه السلام إلى زمن سَيْمُنْ، ونسب فلو اليهودي إلى يهوكين الذي هو ابن اليسوع الذي جاء من بابل بعد ما أطلق الأسراء، ونسب اكستائن إلى عزرا عليه السلام، ونسب البعض إلى مرد كي ، وبعضهم إليه وإلى أستير" وفي الصفحة 347 من المجلد الثاني من كاتلك هرلد: "الفاضل مِليتوما كتب اسم هذا الكتاب في ذيل أسماء الكتب المسلمة كما صرح يوسي بيس في تاريخ كليسيا في الباب السادس والعشرين من الكتاب الرابع، وضبط كِرى نازين زن في الأشعار أسماء الكتب الصحيحة، وما كتب اسم هذا الكتاب فيها، وايم في لوكيس أظهر شبهته على هذا الكتاب في أشعاره التي كتبها إلى سَلْيوكَس واتهَاني سيَش في مكتوبه التاسع والثلاثين رد هذا الكتاب وقبحه".‏
(الشاهد الثاني) الآية الحادية والثلاثون من الباب السادس والثلاثين من سفر الخليقة هكذا: "وهؤلاء الملوك الذين ملكوا في أرض أدوم قبل أن يملك بني إسرائيل" ولا يمكن أن تكون هذه الآية من كلام موسى عليه السلام لأنها تدل على أن المتكلم بها بعد زمان قامت فيه سلطنة بني إسرائيل، وأول ملوكهم شاول وكان بعد موسى عليه السلام بثلثمائة وست وخمسين سنة، قال آدم كلارك في المجلد الأول من تفسيره ذيل هذه الآية: "غالب ظني أن موسى عليه السلام ما كتب هذه الآية والآيات التي بعدها إلى الآية التاسعة والثلاثين، بل هذه الآيات هي آيات الباب الأول من السفر الأول من كتاب أخبار الأيام، وأظن ظناً قوياً قريباً من اليقين أن هذه الآيات كانت مكتوبة على حاشية نسخة صحيحة من التوراة، فظن الناقل أنها جزء من المتن فأدخلها فيه" فاعترف هذا المفسر بإلحاق الآيات التسع، وعلى اعترافه يلزم أن كتبهم كانت صالحة للتحريف، لأن هذه الآيات التسع، مع عدم كونها من التوراة دخلت فيه وشاعت بعد ذلك في جميع النسخ.‏
(الشاهد الثالث) الآية الرابعة عشرة من الباب الثالث من سفر الاستثناء: "فياير ابن منْسبا (99) ورث كل أرض أرغوب إلى تخوم جاسور ومعكاني (100) وسمى باسان باسمه جالوث يابر التي هي قرى يابر إلى هذا اليوم"، وهذه الآية أيضاً لا يمكن أن تكون من كلام موسى عليه السلام، لأن المتكلم بها لا بد أن يكون متأخراً عن يابر (101) تأخيراً كثيراً، كما يشعر به قوله إلى هذا اليوم، لأن أمثال هذا اللفظ لا يستعمل إلا في الزمان الأبْعَد على ما حقق المحققون من علمائهم، كما ستعرف عن قريب، قال الفاضل المشهور هورن لبيان هاتين الفقرتين اللتين نقلتهما في الشاهد الثاني والثالث في المجلد الأول من تفسيره: "هاتان الفقرتان لا يمكن ان تكونا من كلام موسى عليه السلام، لأن الفقرة الأولى دالة على أن مصنف هذا الكتاب بعد زمان قامت فيه سلطنة بني إسرائيل، والفقرة الثانية دالة على أن مصنفه بعد زمان إقامة اليهود في فلسطين، لكن لو فرضناهما إلحاقيتين لا يتطرق الخلل في حقيقة الكتاب، ومن نظر بالنظر الدقيق علم أن هاتين الفقرتين ليستا بلا فائدة فقط بل هما ثِقلان على متن الكتاب، سيما الفقرة الثانية لأن مصنفه موسى كان أو غيره لا يقول لفظ إلى هذا اليوم، فالأغلب أنه كان في الكتب بهذا القدر فياير بن مَنَساوَرِث كل أرض أرغوب إلى تخوم جاسور  ومعكاتي، وسمى باسان باسمه جالوث ياير، ثم بعد قرون زيد هذا اللفظ في الحاشية ليُعلم أن الاسم الذي سماها ياير به هو اسمها إلى الآن، ثم انتقلت تلك العبارة عن الحاشية إلى المتن في النسخ المتأخرة، ومَنْ كان شاكاً في هذا الأمر فلينظر النسخ اليونانية يجد فيها أن الإلحاقات التي توجد في متن بعض النسخ هي توجد في النسخ الأخرى على الحاشية".
فاعترف أن هاتين الفقرتين لا يمكن أن تكونا من كلام موسى عليه السلام، وقوله: فالأغلب الخ يدل على أنه ليس عنده سَنَدُ هذا الأمر سوى زعمه، وعلى أن هذا الكتاب بعد القرون من تأليفه كان صالحاً لتحريف المحرفين، لأن هذا اللفظ بحسب اعترافه زيد بعد قورن، ومع ذلك صار جزءاً من الكتاب، وشاع في جميع النسخ المتأخرة وقوله: "لو فرضناهما إلحاقيتين لا يتطرق الخلل في حقية الكتاب" يدل على التعصب، وهو ظاهر، وقال الجامعون لتفسير هنري واسكات ذيل الفقرة الثانية: "الجملة الأخيرة إلحاقية ألحقها أحدٌ بعد موسى عليه السلام، ولو تركت لا يقع الفساد في المضمون" أقول: تخصيص الجملة الأخيرة لغوٌ لأن الفقرة الثانية كلها لا يمكن أن تكون من كلام موسى كما اعترف به هورن.
(تنبيه) بقي في الفقرة الثانية شيء آخر هو أن ياير ليس ابن منسا بل هو ابن ساغب كما هو مصرح في الآية الثامنة والعشرين من الباب الثاني من السفر الأول من أخبار الأيام.‏


(الشاهد الرابع) الآية الأربعون من الباب الثاني والثلاثون من سفر العدد: "فأما ياير بن منسا فعمد أخذ دساكرها ودعاها جالوت ياير التي هي قرى ياير" حال هذه الآية كحال آية سفر الاستثناء، وقد علمت في الشاهد الثالث وفي دكشنري (102) بيبل الذي طبع في أمريكا وإقليم الإنكليز والهند، وشرع في تأليفه كالمنت وكمله زابت وتيلر هكذا: "بعض الجمل التي توجد في كتب موسى تدل صراحة على أنها ليسَت من كلامه مثل الآية 40 من الباب 22 من سفر العدد، والآية 14 من الباب 2 من سفر الاستثناء، وكذلك بعض عبارات هذا الكتاب ليس على محاورة كلام موسى، ولا نقدر أن نقول جزماً إن أي شخص ألحق هذه الجمل والعبارات، لكن نقول بالظن الغالب أن عزرا النبي ألحقها كما ينبئ عنه الباب التاسع والعاشر من كتابه والباب الثامن من كتاب نحميا" فهؤلاء العلماء جزموا أن بعض الجمل والعبارات ليست من كلام موسى عليه السلام لكنهم ما قدروا أن يبينوا اسم الملحق على سبيل التعيين، بل نسبوا على سبيل الظن إلى عزرا عليه السلام، وهذا الظن ليس بشيء ولا يظهر من الأبواب المذكورة أن عزرا أَلحق شيئاً في التوراة لأنه يُفهم من باب كتاب عزرا أنه تأسف على أفعال بني إسرائيل واعترف بالذنوب، ويُفهم من باب كتاب نحميا أن عزرا قرأ التوراة عليهم.‏
(الشاهد الخامس) وقع في الآية الرابعة عشرة من الباب الثاني والعشرين من سفر الخليقة: "كما يقال في هذا اليوم في جبل اللّه يجب أن يتراءى الناس" ولم يطلق على هذا الجبل جبل اللّه إلا بعد بناء الهيكل الذي بناه سليمان عليه السلام بعد أربعمائة وخمسين 450 سنة من موت موسى عليه السلام، فحكم آدم كلارك في ديباجة تفسير كتاب عزرا بأن هذه الجملة إلحاقية ثم قال: "وهذا الجبل لم يطلق  عليه ذلك الاسم ما لم بين عليه الهيكل".‏
(الشاهد السادس) الآية الثانية عشرة من الباب الثاني من سفر الاستثناء هكذا: "فأما من قبلُ الحواريون سكنوا ساعير، وبنو عيسو طردوهم وأهلكوهم وسكنوها كما فعل بنو إسرائيل بأرض ميراثهم التي وهبها لهم" فحكم آدم كلارك في ديباجة تفسير كتاب عزرا بأن هذه الآية إلحاقية وجعل هذا القول "كما فعل بنو إسرائيل" إلى آخره دليل الإلحاق.‏
(الشاهد السابع) الآية الحادية عشرة من الباب الثالث من سفر الاستثناء هكذا: "من أجل أنه عُوج وحده مَلِكُ باسان كان بقي من نسل الجبابرة هذا سريره من حديد، وهو في راباث بني عمون، طوله تسع أذرع وعرضه أربع أذرع على قياس ذراع اليد" قال آدم كلارك في ديباجة تفسير كتاب عزرا: المحاورة سيما العبارة الأخيرة تدل على أن هذه الآية كتبت بعد موت ذلك السلطان بمدة طويلة، وما كتبها موسى لأنه مات في مدة خمسة أشهر.‏
(الشاهد الثامن) الآية الثالثة من الباب الحادي والعشرين من سفر العدد هكذا: "فسمع اللّه دعاء آل إسرائيل، وسلم في أيديهم الكنعانيين فجعلوهم وقراهم صوافي وسمى ذلك الموضع حرماً" قال آدم كلارك في المجلد الأول من تفسيره في الصفحة 697: "إني أعلم أن هذه الآية ألحقت بعد موت يوشع عليه السلام، لأن جميع الكنعانيين لم يهلكوا إلى عهد موسى بل بعد موته".‏
(الشاهد التاسع) الآية الخامسة والثلاثون من الباب السادس عشر من سفر الخروج هكذا: "وبنو إسرائيل أكلوا المن أربعين سنة حتى أتوا إلى الأرض العامرة كانوا يأكلون هذا القوت إلى ما دَنَوْا من تخوم أرض كنعان" هذه الآية ليست من كلام موسى لأن اللّه ما أمسك المن من بني إسرائيل مدة حياته، وما دخلوا في أرض كنعان إلى هذه المدة. قال آدم كلارك في المجلد الأول من تفسيره في الصفحة 399: "ظن الناس من هذه الآية أن سفر الخروج  كتب بعد ما أمسك اللّه المن من بني إسرائيل لكنه يمكن أن يكون عزرا ألحق هذه الألفاظ" انتهى كلامه. أقول: ظن الناس ظنٌ صحيح واحتمال المفسر المجرد عن الدليل في مثل هذه المواضع لا يُقْبل، والصحيح أن الكتب الخمسة المنسوبة إلى موسى عليه السلام ليست من تصنيفه كما أثبت هذا الأمر بالبراهين في الباب الأول.‏
(الشاهد العاشر) الآية الرابعة عشرة من الباب الحادي والعشرين من سفر العدد هكذا: "ولذلك يقال في سفر حروب الرب كما صنع في بحر سوف كذلك يصنع في أودية أرنون" هذه الآية لا يمكن أن تكون من كلام موسى بل تدل على أن مصنف سفر العدد ليس هو لأن هذا المصنف نقل ههنا الحال عن سِفْر حروب الرب، ولم يعلم إلى الآن جَزْماً أن مصنف هذا السفر أي شخص، ومتى كان وأين كان، وهذا السفر كالعنقاء عند أهل الكتاب سمعوا اسمه وما رأوه، ولا يوجد عندهم، وحكم آدم كلارك في ديباجة تفسير سِفْر الخليقة أن هذه الآية إلحاقية ثم قال: "الغالب أن لفظ سِفْر حروب الرب كان في الحاشية ثم دخل في المتن" فاعترف أن كتبهم كانت قابلة لأمثال هذه التحريفات فإن عبارة الحاشية دخلت في المتن على إقراره وشاعت في جميع النسخ.‏

(الشاهد الحادي عشر) وقع في الآية الثامنة عشرة من الباب الثالث عشر، وفي الآية السابعة والعشرين من الباب الخامس والثلاثين، وفي الآية الرابعة عشرة من الباب السابع والثلاثين من سفر الخليقة لفظ حَبْرون وهو اسم قرية كان اسمها في سالف الزمان (قرية رابع)، وبنو إسرائيل بعد ما فتحوا فلسطين في عهد يوشع عليه السلام غيّروا هذا الاسم إلى حبرون، كما هو المصرح في الباب الرابع عشر من كتاب يوشع، فهذه الآيات ليست من كلام موسى عليه السلام،  بل من كلام شخص كان بعد هذا الفتح والتغيير، وكذلك وقع في الآية الرابعة عشرة من الباب الرابع عشر من سفر الخليقة لفظ (دان) وهو اسم بلدة  عمّرت في عهد القضاة لأن بني إسرائيل بعد موت يوشع عليه السلام في عهد القضاة فتحوا بلدة ليث، وقتلوا أهلها وأحرقوا تلك البلدة وعمروا بدلها بلدة جديدة وسموها دان، كما هو مصرح في الباب الثامن عشر من كتاب القضاة، فلا تكون هذه الآية أيضاً من كلام موسى عليه السلام، قال هورن في تفسيره: "يمكن ان يكون موسى كتب قرية رابع وليث، لكن بعض الناقلين حرّف هذين اللفظين بحبرون ودان" فانظر أيها اللبيب إلى أعذار هؤلاء أولي الأيدي والأبصار كيف يتمسكون بهذه الأعذار الضعيفة، وكيف يقرُّون بالتحريف وكيف يلزم عليهم الاعتراف بكون كبتهم قابلة للتحريف.‏
(الشاهد الثاني عشر) وقع في الآية السابعة من الباب الثالث عشر من سفر الخليقة هذه الجملة: "والكنعانيون والغرزيون حينئذ مقيمون في البلد" ووقع في الآية السادسة من الباب الثاني عشر من سفر الخليقة هذه الجملة: "والكنعانيون حينئذ في البلد" فالجملتان المذكورتان تدلان على أن الآيتين المذكورتين ليستا من كلام موسى عليه السلام، ومفسروهم يعترفون بالإلحاق، في تفسير هنري واسكات: "هذه الجملة والكنعانيون حينئذ في البلد وكذا الجمل الأخر في مواضع شتى ملحقة لأجل الربط ألحقها عِزرا أو شخصٌ إلهامي آخر في وقت جمع الكتب المقدسة" فاعترفوا بإلحاق الجمل، وقولهم ألحقها عزرا أو شخص آخر إلهامي غير مُسلم إذ ليس عليه دليل سوى ظنهم.‏
(الشاهد الثالث عشر) قال آدم كلارك في المجلد الأول من تفسيره في أول الباب الأول من سِفْر الاستثناء في الصفحة 749: "الآيات الخمس من أول هذا الباب بمنزلة المقدمة لباقي الكتاب وليست من كلام موسى عليه السلام والأغلب ان يوشع أو عزرا ألحقها" فاعترف بكون الآيات الخمسة ملحقة، وأسند بمجرد زعمه بلا دليل إلى يوشع أو عزرا وزعمه المجرد لا يكفي.‏
(الشاهد الرابع عشر) الباب الرابع والثلاثون من سفر الاستثناء ليس من كلام موسى عليه السلام، قال آدم كلارك في المجلد الأول من تفسيره: "تم كلام موسى على الباب السابق، وهذا الباب ليس من كلامه، ولا يجوز أن يقال إن موسى عليه السلام كتب هذا الباب أيضاً بالإلهام، لأن هذا الاحتمال بعيد من الصدق والحسن، ويجعل المطلب كله لغواً لأن روح القدس إذا ألهم الكتاب اللاحق لشخص يَلهم هذا الباب أيضاً لهذا الشخص، وإني أجزم بأن هذا الباب كان باباً أولَ لكتاب يوشع عليه السلام، والحاشية التي كتبها بعض الأذكياء من أحبار اليهود على هذا الموضع مرضية قابلة للقبول، قال: إن أكثر المفسرين قالوا إن سفر الاستثناء تم على الدعاء الإلهامي الذي دعا به موسى عليه السلام لاثني عشر سبطاً على هذه الفقرة "فطوباك يا نسل إسرائيل ليس مثلك شعب مُغاث باللّه" إلى آخرها، وإن هذا الباب كتبه المشايخ السبعون بعد مدة من موت موسى، وكان هذا الباب أول أبواب كتاب يوشع، لكنه انتقل من ذلك الموضع إلى هذا الموضع" انتهى كلامه. فاليهود والمسيحيون متفقون على أن هذا الباب ليس من كلام موسى عليه السلام بل هو إلحاقي، وما قال إني أجزم بأن هذا الباب كان أول أبواب كتاب يوشع، وكذا ما نقل عن اليهود من أن هذا الباب كتبه المشايخ السبعون إلى آخره بدليل وسند، ولذلك قال جامعو تفسير هنري واسكات: "تم كلام موسى على الباب السابق، وهذا الباب من الملحقات، والملحِق إمّا يوشع أو صموئيل أو عِزرا أو نبي آخر  من الأنبياء بعدهم لا يُعْلم بالجزم، ولعل الآيات الأخيرة ألحقت بعد زمان أُطلق فيه بنو إسرائيل من أسر بابل" انتهى ما قالوا، ومثله في تفسيره والى ورجرد مينت، فانظر إلى قول هؤلاء "أعني الملحِق إما يوشع" إلى آخر العبارة كيف يشكُّون ولا يجزمون، وأين قولهم من قول اليهود؟، وقولهم أو نبي آخر من الأنبياء بعدهم بلا دليل أيضاً. اعلم إنما قلت في الآيات التي نقلتها من الشاهد الثاني إلى ههنا أنها شواهد التحريف بالزيادة من زيادة الآيات أو الجمل أو الألفاظ فمبنيٌ على تسليم ما يدعي أهل الكتاب الآن أن هذه الكتب الخمسة المروّجة تصنيف موسى عليه السلام، وإلا فهذه الآيات دلائل على أن هذه الكتب ليست من تصنيفه، ونسبتها إليه غلط كما هو المختار عند علماء الإسلام، وقد عرفت في الشاهد التاسع أن الناس من أهل الكتاب أيضاً قد استدلوا ببعض هذه الآيات على مثل ما قلنا، وما يدعي علماء البروتستنت من أن نبياً من الأنبياء ألحق هذه الآيات والجمل والألفاظ خاصة غير مسموع ما لم يبرهنوا عليه، وما لم يوردوا سنداً ينتهي إلى النبي المعين الملحِق وأنى لهم ذلك؟.‏
(الشاهد الخامس عشر) نقل آدم كلارك في الصفحة 779 و 780 من المجلد الأول من تفسيره في شرح الباب العاشر من كتاب الاستثناء تقرير (كني كات) في غاية الإطناب وخلاصته: "أن عبارة المتن السامري صحيحة، وعبارة العبري غلط، وأربع آيات ما بين الآية الخامسة والعاشرة أعني من الآية السادسة إلى التاسعة ههنا أجنبية محضة لو أسقطت ارتبط جميع العبارة ارتباطاً حسناً، فهذه الآيات الأربع كتبت من غلط الكاتب ههنا وكانت من الباب الثاني من كتاب الاستثناء" وبعد نقل هذا التقرير أظهر رضاه عليه وقال "لا يعجل في إنكار هذا التقرير".‏
(الشاهد السادس عشر) الآية الثانية من الباب الثالث والعشرين من كتاب الاستثناء هكذا: "ومن تولد من الزنا لا يدخل جماعةَ الرب حتى يمضي عليه عشرة أعقاب" فهذا الحكم لا يمكن أن يكون من جانب اللّه، وما كتبه موسى عليه السلام، وإلا يلزم أن لا يدخل داود عليه السلام ولا آباؤه إلى فارض في جماعة الرب، لأن داود عليه السلام بطن عاشر من فارض كما يفهم من الباب الأول من إنجيل متى، وفارض ولد الزنا كما هو مصرح في الباب الثامن والثلاثين من سفر الخليقة، وهارسلي المفسر حكم بأن هذه الألفاظ "حتى يمضي عليه عشرة أعقاب" إلحاقية.‏
(الشاهد السابع عشر) قال جامعو تفسير هنري واسكات ذيل الآية التاسعة من الباب الرابع من كتاب يوشع: "هذه الجملة هي إلى هذا اليوم هناك، وأمثالها وقعت في أكثر كتب العهد العتيق والأغلب أنها إلحاقية" فحكموا بإلحاق هذه الجملة، وإلحاق كل جملة يكون مثلها في العهد العتيق، فاعترفوا بالإلحاق في المواضع الكثيرة، لأن أمثالها توجد في كتاب يوشع في الآية التاسعة من الباب الخامس، وفي الآية الثامنة والعشرين، والتاسعة والعشرين من الباب الثامن، وفي الآية السابعة والعشرين من الباب العاشر، وفي الآية الثالثة عشرة من الباب الثالث عشر، وفي الآية الرابعة عشرة من الباب الرابع عشر، وفي الآية الثالثة والستين من الباب الخامس عشر، وفي الآية العاشرة من الباب السادس عشر، ففي ثمانية مواضع أخرى من هذا الكتاب لزم اعترافهم بإلحاق الجمل المذكورة، ولو نقلنا عن سائر كتب العهد العتيق يطول الأمر جداً.‏
(الشاهد الثامن عشر) الآية الثالثة عشرة من الباب العاشر من كتاب يوشع هكذا: "فتوقفت الشمس وقام القمر إلى أن انتقم القوم من عدوهم، أليس هذا مكتوباً في سفر اليسير" وَوُجِد في بعض التراجم "سفر ياصار" وفي البعض "سفر ياشر" فعلى كل تقدير لا تكون هذه الآية من كلام يوشع  لأن هذا الأمر مقول من السفر المذكور، ولم يعلم إلى هذا الحين أن مصنفه مَتَى كان، ومَتَى صنّف، إلا أنه يظهر من الآية الثامنة عشرة من الباب الأول من سفر صموئيل الثاني أنه يكون معاصراً لداود عليه السلام أو بعده، واعترف جامعو تفسير هنري واسكات ذيل الآية الثالثة والستين من الباب الخامس عشر: "بأنه يُعلم من هذه الفقرة أن كتاب يوشع كتب قبل العام السابع من سلطنة داود عليه السلام" وولد داود عليه السلام بعد ثلثمائة وثمان وخمسين سنة من موت يوشع عليه السلام على ما هو مصرح في كتب التواريخ التي هي من تصنيفات علماء البروتستنت، والآية الخامسة عشرة من الباب العاشر المذكور على إقرار محققيهم زيدت تحريفاً في المتن العبري، ولا توجد في الترجمة اليونانية، قال المفسر هارسيلي في الصفحة 260 من الملجد الأول من تفسيره: "فلتسقط هذه الآية على وَفْق الترجمة اليونانية".‏
(الشاهد التاسع عشر) قال المفسر هارسلي: "إن الآية السابعة والثامنة من الباب الثالث عشر غلطان".‏
(الشاهد العشرون) وقع في بيان ميراث بني جاد في الآية الخامسة والعشرون من الباب الثالث عشر من كتاب يوشع هذه العبارة: "ونصف الأرض من بني عمون إلى عراوعير التي هي في محاذاة ديا" وهي غلط ومحرفة، لأن موسى عليه السلام ما أعطى بني جاد شيئاً من أرض بني عمون لأن اللّه تعالى كان نهاه كما هو مصرح في الباب الثاني من كتاب الاستثناء، ولما كانت غلطاً محرفة اضطر المفسر هارسلي فقال "المتن العبري ههنا محرف".‏
(الشاهد الحادي والعشرون) في الآية الرابعة والثلاثين من الباب التاسع عشر من كتاب يوشع وقعت هذه الجملة "واتصل بميراث بني يهودا في جانب  المشرق من الأردن" وهذه غلط لأن أرض بني يهودا كانت بعيدة جداً في جانب الجنوب، ولذا قال آدم كلارك: "الأغلب أنه وقع تحريف ما في ألفاظ المتن".‏

الشاهد الثاني والعشرون) قال جامعو تفسير هنري واسكات في شرح الباب الأخير من كتاب يوشع: "إن الآيات الخمس الأخيرة يقيناً ليست من كلام يوشع، بل ألحقها فينحاس أو صموئيل، وكان مثل هذا الإلحاق رائجاً كثيراً بين القدماء" فالآيات الخمس إلحاقية عندهم يقيناً، وما قالوا إن ملحقها فينحاس أو صموئيل غير مسلم إذ لا سند له ولا دليلَ، وما قالوا مثل هذا الإلحاق بين القدماء كان رائجاً كثيراً. أقول: هذا الرواج أيضاً فتح عليهم باب التحريف، لأنه لما لم يكن معيباً كان لكل أن يزيد شيئاً فوقعت التحريفات العديدة، وشاع أكثرُها في جميع نسخ الكتاب المحرّف فيه.‏
(الشاهد الثالث والعشرون) قال المفسر هارسلي في الصفحة 283 من المجلد الأول من تفسيره إن ست أيات من الباب الأول من كتاب القضاة من الآية العاشرة إلى الخامسة عشرة إلحاقية.‏
(الشاهد الرابع والعشرون) وقع في الآية السابعة من الباب السابع عشر من كتاب القضاة في بيان حال رجل كان من بني يهودا هذه الجملة: "وكان لاويا" ولما كانت غلطاً قال المفسر هارسلي: "هذه غلط لأنه لا يمكن أن يكون رجل من بني يهودا لاَوِيَّا، وهيوبي كينت بعد ما فهم أنها إلحاقية أخرجها من المتن".‏
(الشاهد الخامس والعشرون) الآية التاسعة عشرة من الباب السادس من سفر صموئيل الأول هكذا: "وأهلك الرب أهل بيت الشمس، لأنهم فتحوا صندوق الرب ورأوه فأهلك منهم خمسين ألفاً وسبعين إنساناً" وهذا غلط. قال آدم كلارك في المجلد الثاني من تفسيره بعد القَدْح والجَرْح: "الغالب أن المتن العبري محرَّف إما سقط منه بعضُ الألفاظ وإما زيد فيه لفظ خمسون ألفاً جهلاً أو قصداً لأنه لا يعلم أن يكون أهل تلك القرية الصغيرة بهذا المقدار، أو يكون هذا المقدار مشتغلاً بحصد الزرع، وأبعد من هذا أن يرى خمسون ألفاً الصندوق دفعة واحدة في جرن يوشع على حَجَرا بل" ثم قال: "في اللاطينية سبعون رئيساً، وخمسون ألفاً، وسبعون إنساناً، وفي السريانية خمسة آلاف وسبعون إنساناً، وكذلك في العربية خمسة آلاف وسبعون إنساناً، وكتب المؤرخ سبعون إنساناً فقط، وكتب سليمان الجارجي الرّبي والرّبيون الآخرون بطريق آخر، فهذه الاختلافات، وذلك عدم الإمكان المذكور تعطينا اليقين أن التحريف وقع ههنا يقيناً فإما زيد شيء أو سقط شيء"، وفي تفسير هنري واسكات هكذا: "بين عدد المقتولين في الأصل العبري على طريق معكوس، ومع قطع النظر عن هذا يبعد أن يذنب الناس بهذا المقدار، ويقتلون في القرية الصغيرة، ففي صدق هذه الحادثة شك، وكتب يوسيفس عدد المقتولين سبعين فقط" فانظر إلى هؤلاء المفسرين كيف استبعدوا هذا الأمر ورَدُّوا وأقرُّوا بالتحريف.‏
(الشاهد السادس والعشرون) قال آدم كلارك في شرح الآية الثامنة عشرة من الباب السابع عشر من سفر صموئيل الأول: "في هذا الباب من هذه الآية إلى الحادية والثلاثين والآية الحادية والأربعون، ومن الآية الرابعة والخمسين إلى آخر الباب، وفي الباب الثامن عشر الآيات الخمس من أول هذا الباب والآية التاسعة والعاشرة والحادية عشرة والسابعة عشرة والثامنة عشرة والتاسعة عشرة لا توجد في الترجمة اليونانية، وتوجد في نسخة اسكندريانوس، انظروا في آخر هذا الباب أن كني كات حقق أن هذه الآيات المذكورة ليست جزءاً من الأصل" ثم نقل في آخر الباب المذكور تقرير كني كات في غاية الإطناب بحيث ظهر منه كون هذه الآية محرفة إلحاقية، وأنا أنقل عنه بعض الجمل: "إن قلت متى وُجد هذا الإلحاق؟ قلت: كان اليهود في عهد يوسيفس يريدون أن يزينوا الكتب المقدسة باختراع الصلوات والغناء واختراع الأقوال الجديدة انظروا إلى الإلحاقات الكثيرة في كتاب أَسْتِير، وإلى حكاية الخمر والنساء والصدق التي زيدت في كتاب عِزرا ونَحْميا، وتسمى الآن بالكتاب الأول لعزرا، وإلى غناء الأطفال الثلاثة الذي زيد في كتاب دانيال، وإلى الإلحاقات الكثيرة في كتاب يوسيفس، فيمكن أن هذه الآيات كانت مكتوبة في الحاشية ثم دخلت في المتن لأجل عدم مبالاة الكاتبين" قال المفسر هارسلي في الصفحة 330 من المجلد الأول من تفسيره: "إن كني كات في الباب السابع عشر من سفر صموئيل يعلم أن عشرين آية من الآية الثانية عشرة إلى الآية الحادية والثلاثين إلحاقية وقابلة للإخراج" ويقول: "إذا صحت ترجمتنا مرة أخرى فلا تدخل هذه الآيات فيها" أقول: لما كانت عادة اليهود في عهد يوسيفس كما أقرّ به كني كات وحرفوا بالمقدار الذي صرح ههنا، وصرح في مواضع أخر كما سبق نقل بعض أقواله في الشواهد السابقة، وسيجيء نقل بعضها في الشواهد الآتية فكيف يُعتد على دياناتهم في هذه الكتب؟، لأنه لما كان مثل هذا التحريف سبباً لتزيين الكتب المقدسة عندهم، ما كان هذا مذموماً عندهم، فكانوا يفعلون ما يفعلون، وعَدَمُ مبالاة الكاتبين كان سبباً لشيوع تحريفاتهم في النسخ، فوقع من الفساد ما وقع، فظهر أن ما يتفوه به علماء البروتستنت في تقريراتهم وتحريراتهم على سبيل المغالطة أن التحريف لم يصدر عن اليهود، لأنهم كانوا أهل ديانة، وكانوا يعترفون بكون كتب العهد العتيق كلام اللّه سفسطة محضة.
(الشاهد السابع والعشرون) الآية الثالثة من الباب الرابع عشر من إنجيل متى هكذا: "لأن هيروديس كان قد أخذ يحيى وكتفه وألقاه في السجن لأجل هيروديا زوجة أخيه فيلبوس" والآية السابعة عشرة من الباب السادس من إنجيل مرقس هكذا: "لأن هيروديس كان قد أرسل وقبض على يحيى وقيده في السجن لأجل هيروديا زوجة أخيه فيلبوس" في الآية التاسعة عشرة من الباب الثالث من إنجيل لوقا هكذا: "وكان هيروديس رئيس الربع لما انتهره يحيى من أجل هيروديا زوجة أخيه فيلبوس" إلى الآخر، ولفظ فيلبوس غلط يقيناً في الأناجيل الثلاثة، ولم يثبت في كتاب من كتب التواريخ أن اسم زوج هيروديا كان فيلبوس، بل صرح يوسيفس في الباب الخامس من الكتاب الثامن عشر أن اسمه كان هيرود أيضاً، ولما كان غلطاً قال هورن في الصفحة 632 من المجلد الأول من تفسيره: "الغالب أن اسم فيلبوس وقع في المتن من غلط الكاتب فليسقط وكريسباخ قد أسقطه" وعندنا هذا اللفظ من أغلاط الإنجيليين، ولا نسلم قولهم من غلط الكاتب، لأنه دعوى بلا دليل ويبعد كل البعد أن يقع الغلط من الكاتب في الأناجيل الثلاثة في مضمون واحد، وانظر إلى تجاسرهم أنهم بمجرد ظنهم يسقطون ألفاظاً ويدخلونها، وتحريفهم هذا جار في كل زمان، ولما كان إيراد الشواهد على سبيل الإلزام أوردت هذا الشاهد في أمثلة التحريف بالزيادة على تسليم ما ادعوه، وهو في الحقيقة بالنظر إلى الأناجيل الثلاثة ثلاثة شواهد.‏
(الشاهد الثامن والعشرون) الآية الحادية والثلاثون من الباب السابع من إنجيل لوقا هكذا: "ثم قال الرب فبماذا أشبه أهل هذا الجيل أو ما الذي يشابهونه" وهذه الجملة "ثم قال الرب" زيدت تحريفاً، قال المفسر آدم كلارك في ذيل هذه الآية: "هذه الألفاظ ما كانت أجزاء لمتن لوقا قط، ولهذا الأمر شهادة تامة وردَّ كل محقق هذه الألفاظ وأخرجها بنجل وكريسباخ من المتن" فانظر كيف حقق هذا المفسر، والعجب أن المسيحيين من فرقة البروتستنت لا يتركونها في تراجمهم، أليس إدخال الألفاظ التي ثبت زيادتها بالشهادة التامة وردها كل محقق في الكلام الذي هو كلام اللّه في زعمهم من أقسام التحريف.‏
(الشاهد التاسع والعشرون) الآية التاسعة من الباب السابع والعشرين من إنجيل متى هكذا: "وحينئذ كمل قول النبي أرمياء حيث قال فقبضوا الدراهم الثلاثين ثمن الثمن الذي ثمنه بنو إسرائيل" ولفظ أرمياء غلط من الأغلاط المشهورة في إنجيل متى لأن هذا لا يوجد في كتاب أرمياء، ولا يوجد هذا المضمون في كتاب آخر من كتب العهد العتيق بهذه الألفاظ، نعم توجد في الآية الثالثة عشرة من الباب الحادي عشر من كتاب زكريا عبارة تناسب هذه العبارة التي نقلها متى، لكن بين العبارتين فرق كثير يمنع أن يحكم أن متى نقل عن هذا الكتاب، ومع قطع النظر عن هذا الفرق لا علاقة لعبارة كتاب زكريا عليه السلام بهذه الحادثة التي ينقل فيها متى، وفي هذا الموضع أقوال مضطربة لعلماء المسيحيين سلفاً وخلفاً، قال وارد كاتلك في كتابه المسمى بكتاب الأغلاط الذي طبع في سنة 1841 من الميلاد في الصفحة 26 "كتب مستر جوويل في كتابه أنه غلط مرقس فكتب أبيثار موضع أخي ملك، وغلط متى فكتب أرمياء موضع زكريا"، وقال هورن في الصفحة 385 و 386 من المجلد الثاني من تفسيره المطبوع في سنة 1822 من الميلاد: "في هذا النقل إشكال جداً لأنه لا يوجد في كتاب أرمياء مثل هذا، ويوجد في الآية الثالثة عشرة من الباب الحادي عشر من كتاب زكريا، لكن لا يطابق ألفاظ متى ألفاظه، وبعض المحققين على أنه وقع الغلط في نسخة متى، وكتب الكاتب أرمياء موضع زكريا، أو أن هذا اللفظ إلحاقي" وبعد ذلك نقل شواهد الإلحاق ثم قال: "والأغلب أن عبارة متى كانت بدون ذكر الاسم هكذا وحينئذ كمل قول النبي حيث قال إلى آخرها ويقوي هذا الظن أن متى يترك أسماء الأنبياء إذا نقل" وقال في الصفحة 625 من المجلد الأول من تفسيره: "الإنجيلي ما كتب في الأصل اسم النبي لكنه أدرجه بعض الناقلين" فعلم من العبارتين أن المختار عنده أن هذا اللفظ إلحاقي، وفي تفسير دوالي ورجر دمينت في ذيل هذه الآية: "هذه الألفاظ المنقولة ههنا لا توجد في كتب أرمياء بل توجد في الآية الثانية عشرة من الباب الحادي عشر من كتاب زكريا، ومن بعض توجيهاته أن الناقل كتب في الزمان الأول عند انتساخ إنجيل أرمياء موضع زكريا غلطاً، وبعد ذلك دخل هذا الغلط في هذا المتن كما كتب بيرس"، وحكى جواد بن ساباط في مقدمة كتابه المسمى بالبراهين الساباطية: "إني سألت القسيسين الكثيرين عن هذا فقال طامن: غلط الكاتب، وقال بيوكانان ومارطيروس وكيراكوس. إن متى كتب اعتماداً على حفظه بدون المراجعة إلى الكتب، فوقع في الغلط، وقال بعض القسيسين: لعل زكريا يكون مسمى بأرمياء أيضاً" (أقول): المختار أن هذا الغلط صدر عن متى كما هو الظاهر، واعترف به وارد وجوويل وبيوكانان ومارطيروس وكيراكس، والاحتمالات الباقية ضعيفة يردها ما قلت أولاً، واعترف هورن أيضاً من أنه لا يطابق ألفاظ متى ألفاظ زكريا، فلا يصح لفظ زكريا أيضاً بدون إقرار التحريف في إحدى العبارتين وأوردت هذا الشاهد ههنا على زعم الذين ينسبون إلى هذا اللفظ إلى زيادة الكاتب، ولما فرغت من بيان غلط متى ناسب أن أبين ما اعترف به مستر جوويل ووارد من غلط مرقس فأقول: عبارة إنجيله في الباب الثاني هكذا 25: "فقال لهم ألم تقرؤوا ما فعله داود لما احتاج وجاع هو ومن معه وكيف دخل بيت اللّه أيام كاهن الكهنة أبيثار وأكل خبز التقدمة الذي لا يجوز أكله لغير الكهنة وكيف أعطى الذين كانوا معه أيضاً" فلفظ أبيتار غلط كما اعترفا به، وكذلك هاتان الجملتان "وجاع هو ومن معه" وكيف أعطى الذين كانوا معه أيضاً، لأن داود عليه السلام كان منفرداً في هذا الوقت، ولم يكن أحد معه كما لا يخفى على من طَالَع سفر صموئيل الأول وإذا ثبت أن الجملتين المذكورتين غلطان في إنجيل مرقس ثبت أن ما وقع مثلهما في إنجيل متى ولوقا غلط أيضاً. في إنجيل متى في الباب الثاني عشر هكذا: 3 "فقال لهم ألم تقرؤوا ما فعل داود لما جاع هو ومن معه كيف دخل بيت اللّه وأكل خبز التقدمة الذي أكلُه لا يحلّ له ولا لمن كان معه بل للكهنة فقط" وفي إنجيل لوقا في الباب السادس هكذا: 4 "فقال عيسى لهم وهو يحاورهم أما قرأتم ما فعل داود لما جاع هو والذين كانوا معه" 4 "كيف دخل بيت اللّه وأخذ خبز التقدمة الذي لا يجوز أكله إلا للكهنة فقط، وأكله وأعطى مَنْ معه أيضاً" ففي نقل هذا القول المسيحي وقع سبعة أغلاط في الأناجيل الثلاثة فإن نسبوا هذه السبعة إلى الكاتبين كانوا مقرين بالتحريف في سبعة مواضع، وهذا وإن كان خلاف الظاهر لا يضرنا أيضاً.‏
(الشاهد الثلاثون) الآية الخامسة والثلاثون من الباب السابع والعشرين من إنجيل متى هكذا: "فصلبوه واقتسموا بقرع القرعة لباسه ليكمل قول النبي حيث قال: إنهم اقتسموا لباسي واقترعوا على قميصي" فهذه العبارة "ليكمل قول النبي حيث قال اقتسموا لباسي واقترعوا على قميصي" محرفة واجبة الحذف عند محققيهم، ولذلك حذفها كريسباخ، وأثبت هورن بالأدلة القاطعة في الصفحة 330 و 331 من المجلد الثاني من تفسيره أنها إلحاقية ثم قال: "لقد استحسن كريسباخ في تركها بعد ما ثبت عنده أنها كذبة قطعاً"، وقال آدم كلارك في المجلد الخامس من تفسيره في ذيل الآية المذكورة: "لا بدّ من ترك هذه العبارة لأنها ليست جزءاً من المتن، وتركها النسخ الصحيحة، وكذا تركها التراجم إلا شذوذاً، وكذا تركها غير المحصورين من القدماء، وهذه إلحاقية صريحة أُخِذت من الآية الرابعة والعشرين من الباب التاسع عشر من إنجيل يوحنا.‏
(الشاهد الحادي والثلاثون) وقع في الباب الخامس من رسالة يوحنا الأولى هكذا: 7 "لأن الذين يشهدون في السماء ثلاثة وهم الأب والكلمة والروح القدس، وهؤلاء الثلاثة واحدة والشهود الذين يشهدون في الأرض ثلاثة وهم الروح والماء والدم، وهؤلاء الثلاثة تتحد في واحد" ففي هاتين الآيتين كان أصل العبارة على ما زعم محققوهم هذا القدر: "لأن الشهود الذين يشهدون ثلاثة وهم الروح والماء والدم وهؤلاء الثلاثة تتحد في واحد"، فزاد معتقدو التثليث هذه العبارة "في السماء ثلاثة وهم الأب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة واحدة والشهود الذين يشهدون في الأرض" فيما بين أصل العبارة وهي ملحقة يقيناً، وكريسباخ وشولز متفقان على إلحاقيتها، وهورن مع تعصبه قال إنها إلحاقية واجبة الترك، وجامعو تفسير هنري واسكات اختاروا قول هورن، وآدم كلارك أيضاً مال إلى إلحاقيتها، وأكستاين الذي كان أعلم العلماء المسيحية التثليثية في القرن الرابع من القرون المسيحية، وهو إلى الآن مستند أهل التثليث أيضاً كتب على هذه الرسالة عشر رسائل، وما نقل في رسالة من هذه الرسائل هذه العبارة، وهو كان من معتقدي التثليث، وكان مناظِراً مع فرقة أيرين التي تنكر التثليث، فلو كانت هذه العبارة في عهده لتمسك بها ونقلها في إثباته، ولما ارتكب التكلف البعيد الذي ارتكبه في الآية الثامنة فكتب في الحاشية: "أن المراد بالماء الأب وبالدم الابن وبالروح الروح القدس" فإن هذا التكلف ضعيف جداً، وأظن أنه لما كان هذا التوجيه بعيداً جداً اخترع معتقدو التثليث هذه العبارة التي هي مفيدة لعقيدتهم وجعلوها جزءاً من عبارة الرسالة، وأقر صاحب ميزان الحق أيضاً على رؤوس الأشهاد في المناظرة التي وقعت بيني وبينه سنة ألف ومائتين وسبعين بأنها محرّفة، ولما رأى شريكه أنه يورد عليه عبارات أخر لا بد فيها من الإقرار بالتحريف بادر إلى الإقرار قبل إيراد هذه العبارات الأخر فقال: أسلم أنا وشريكي أن التحريف قد وقع في سبعة أو ثمانية مواضع، فلا ينكر التحريف في عبارة يوحنا إلا مكابر عنيد، وكتب هورن في تحقيق هذه العبارة اثني عشر ورقاً  ثم ثنى تقريره بالتلخيص، وكان في نقل ترجمة جميع تقريره خوف ملال الناظر، ولخص جامعو تفسير هنري واسكات تلخيصه أيضاً، فأنا أنقل خلاصة الخلاصة من هذا التفسير فأقول: قال جامعو هذا التفسير "كتب هورن دلائل الطرفين ثم ثناها ، وخلاصة تقريره الثاني هذا للذين يثبتون أن هذه العبارة كاذبة وجوه" الأول "أن هذه العبارة لا توجد في نسخة من النسخ اليونانية التي كتبت قبل القرن السادس عشر" والثاني "أنها لا توجد في النسخ المطبوعة التي طبعت بالجد والتحقيق التام في الزمان الأول" والثالث "أنها لا توجد في ترجمة من التراجم القديمة غير اللاطينية" والرابع "أنها لا توجد في أكثر من النسخ القديمة اللاطينية أيضاً" والخامس "أنها لم يتمسك بها أحد من القدماء ومؤرخي الكنيسة" والسابع  "أن أئمة فرقة البروتستنت ومصلحي دينهم إما أسقطوها أو وضعوا عليها علامة الشك.
وللذين يقولون بصدقها وجوه: الأول "أنها توجد في الترجمة اللاطينية القديمة وفي كثير من نسخ الترجمة اللاطينينة وَلْكَيَت" والثاني "أنها توجد  في كتاب العقائد اليونانية، وكتاب آداب الصلاة للكنيسة اليونانية، وفي كتاب الصلاة القديم للكنيسة اللاطينية، وتمسك بها بعض القدماء من المشايخ اللاطينية، وهذان الدليلان مخدوشان والأمور الباطنية التي تشهد بصدقها هذه": الأوّل (ربط الكلام) والثاني (القاعدة النحوية) والثالث (حرف التعريف) والرابع (تشابه هذه العبارة بعبارة يوحنا في المحاورة، ويمكن بيانُ وجه تركها في النسخ أن يكون للأصل نسختان، أو حصل هذا الأمر في الزمن الذي كانت النسخ فيه قليلةً من كيد الكَاتب أو غفلته، أو أسقطها أيرين، أو أسقطها أهلُ الدين بسبب أنها من أسرار التثليث، أو صارت غفلة الكاتب سبباً له كما هي سبب لنقصانات أخرى، والمرشدون من كريك تركوا فقرات كانت في هذا البحث، ونظر هورن على الدلائل المرقومة نظراً ثانياً فحكم على سبيل الإنصاف وعدم الرياء بإسقاط هذه الفقرات الجعلية، وبأنه لا يمكن إدخالها ما لم تشهد عليها نسخ لا يكون الشك في صحتها، وقال موافقاً لمارش إن الشهادة الباطنية وإنْ كانت قوية لا تغلب على صبره الشهادات الظاهرية التي على هذا المطلب). فانظر أيها اللبيب إن مختارهم ما هو مختار هورن لأنهم قالوا إن هورن حكم على سبيل الإنصاف وعدم الرياء، ودلائل الفريق الثاني مردودة كما صرحوا به.
وما قال هذا الفريق في الاعتذار يعلم منه أمران: (الأول) أن الكاتبين المحرفين والفرق المخالفة كان لهم مجالٌ واسع قبل إيجاد صنعة الطبع، وكان مرامهم حاصلاً. ألا ترى كيف شاع تحريف الكاتب أو فرقة أيرين، أو أهل الدين على زعمهم ههنا بحيث أسقطت هذه العبارة عن جميع النسخ اليونانية  المذكورة، وعن جميع التراجم غير الترجمة اللاطينية، وعن أكثر النسخ اللاطينية أيضاً كما ظهر لك من دلائل الفريق الأول؟ (الثاني) أنه ثبت أن أهل الديانة والدين من المسحيين أيضاً، كانوا يحرفون قصداً إذا رأوا مصلحة في التحريف، كما أسقطوا هذه العبارة لأجل أنها من أسرار التثليث، وكما أسقط المرشدون من فرقة كريك فقرات كانت في هذا البحث، فإذا كان التحريف من العادة الجميلة للمرشدين ولأهل الديانة والدين من المسيحين فأية شكاية من الفرق الباطلة والكاتبين المحرفين؟، فيعلم أن هؤلاء المذكورين ما أبقوا دقيقة من دقائق التحريف قبل إيجاد صنعة الطبع، كيف لا وما انسد هذا الباب بعد إيجادها أيضاً، واكتفى ههنا على نقل حكاية واحدة فقط تتعلق بهذه العبارة.

(فاعلم) أيها اللبيب أن لوطر الإمام الأول لفرقة البروتستنت والرئيس الأقدم من مُصلحي الملة المسيحية لما توجه إلى إصلاح هذه الملة ترجم الكتب المقدسة في اللسان الجرمني ليستفيد بها متبعوه، ولم يأخذ هذه العبارة في ترجمته، وطبعت هذه الترجمة مراراً في حياته، فما كانت هذه العبارة في هذه النسخ المطبوعة، ثم لما كبر وعلم أنه سيموت، وأراد طبعها مرة أخرى، وشرع في الطبع سنة 1546 من الميلاد وكان واقفاً من عادة أهل الكتاب عموماً وعادة المسيحيين خصوصاً، أوصى في مقدمة هذه الترجمة أن لا يحرف أحد في ترجمتي، لكن هذه الوصية لما كانت مخالفة لعادة أهل الكتاب لم يعملوا بها، وأدخلوا هذه العبارة الجعلية في ترجمته، وما مضى على موته ثلاثون سنة، وصدر هذا التحريف أولاً عن أهل (فرينك فارت) فإنهم طبعوا هذه الترجمة في سنة 1574 وأدخلوا هذه العبارة، لكنهم خافوا بعد ذلك من اللّه أو من طعن الخلق  فأسقطوها في المرات الأخر التي طبعوا الترجمة فيها، ثم ثقل على أهل التثليث تركها فأدخل أهل وتن برك في سنة 1596 وسنة 1599 من الميلاد، وكذا أهل هيم برك في سنة 1596 هذه العبارة فيها، لكن خاف أهل وتن برك من طعن الخلق كما خاف أهل فرينك فارت فأسقطوها في الطبع  الآخر، ثم بعد ذلك ما رضي أهل التثليث من معتقدي المترجم بإسقاطها فشاع إدخالها في هذه الترجمة عموماً على خلاف وصية إمامهم. فكيف يُرجى عدم التحريف في النسخ القليلة الوجود قبل إيجاد صنعة الطبع من الذين يكون عادتهم مثل ما علمت؟؟ حاشا ثم حاشا، لا نرجو منهم إلا التحريف، وكَتَبَ الفيلسوف المشهور إسحاق نيوتن رسالة حجمها بقدر خمسين صفحة وأثبت فيها أن العبارة المذكورة، وكذا الآية السادسة عشرة من الرسالة الأولى إلى طيمورثاوس محرفتان والآية المذكورة هكذا: "وبالإجماع عظيم هو سر التقوى، اللّه ظهر في الجسد، تبرّز في الروح تَراءى للملائكة، كِرُزبه بين الأمم، أو من به في العالم، رُفع في المجد" وهذه الآية أيضاً نافعة لأهل التثليث جداً فزادوا تحريفاً لإثبات عقيدتهم الفاسدة.‏


(الشاهد الثاني والثلاثون) في الباب الأول من مشاهدات يوحنا هكذا: 10 "فحل الروح عليّ في يوم الرب وسمعت من ورائي صوتاً عظيماً كصوت البوق" 12 "وهو يقول إني أنا الألف والباء والأول والآخر فاكتب ما ترى" إلى آخرها، وكريسباخ وشولز متفقان على أن هذين اللفظين "الأول والآخر" إلحاقيان وبعض المترجمين تركوهما، وترك في الترجمة العربية التي طبعت في سنة 1671 وسنة 1821 من الميلاد لفظ الألف والباء أيضاً.‏
(الشاهد الثالث والثلاثون) الآية السابعة والثلاثون من الباب الثامن من كتاب أعمال الحواريين هكذا: "قال فيلبوس إن آمنت بقلبك كله جاز لك فقال له وهو يحاوره آمنت بأن عيسى المسيح هو ابن اللّه" وهذه الآية إلحاقية ألحقها أحد من أهل التثليث لأجل هذه الجملة آمنت بأن عيسى هو ابن اللّه، وكريسباخ وشولز متفقان على أنها إلحاقية.‏
(لشاهد الرابع والثلاثون) في الباب التاسع من كتاب أعمال الحواريين هكذا: 5 "فقال له من أنت يا رب فقال الرب أنا عيسى الذي أنت تؤذيه، إنه يصعب عليك أن ترفس الأسَنِّة" 6 "فقال وهو مرتعد متحير ما الذي تريد أن أفعل يا رب؟، قال له الرب قم وادخل البلد، وسيقال لك ما يجب عليك أن تفعله" قال كريسباخ وشولز: (هذه العبارة "إنه يصعب عليك أن ترفس الأسنة فقال وهو مرتعد متحير ما الذي تريد ان أفعل يا رب" إلحاقية).‏
(الشاهد الخامس والثلاثون) الآية السادسة من الباب العاشر من كتاب أعمال الحواريين هكذا: "فإنه ضائف عند شمعون الدباغ، الذي بيته على البحر وهو يخبرك بما ينبغي لك أن تفعله" قال كريسباخ وشولز: (هذه العبارة "وهو يخبرك بما ينبغي لك أن تفعله" إلحاقية).‏
(الشاهد السادس والثلاثون) الآية الثامنة والعشرون من الباب العاشر من الرسالة الأولى إلى أهل قورنيثوس هكذا: "وإن قال لكم أحد هذا ذبيحة الأوثان فلا تأكلوا لأجل المخبر به ولأجل أن لا تعثر ضميره لأن الأرض للرب هي وكمالها" وهذه الجملة: "لأن الأرض للرب هي وكمالها" إلحاقية، قال هورن في الصفحة 327 من المجلد الثاني من تفسيره بعد ما أثبت إلحاقيتها: "أسقط كريسباخ هذه الجملة من المتن بعد ما جزم أنها قابلة للإخراج، والحق أنها لا سند لهذه الجملة، وهي فضول. والغالب أنها أخذت من الآية السادسة والعشرين وألحقت". وقال آدم كلارك في ذيل هذه الآية: "أسقط كريسباخ من المتن، والحق أنه لا سند لهذه الجملة" وأسقطت في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1671 وسنة 1811 وسنة 1831 أيضاً.‏
(الشاهد السابع والثلاثون) الآية الثامنة من الباب الثاني عشر من إنجيل متى هكذا: "لإن ابن الإنسان رب السبت أيضاً" فلفظ أيضاً إلحاقي، وهورن بعد ما أثبت إلحاقيته بالأدلة في الصفحة 330 من المجلد الثاني من تفسيره قال: "أخذ هذا اللفظ من الآية الثامنة والعشرين من الباب الثاني من إنجيل مرقس، أو من الآية الخامسة من الباب السادس من إنجيل لوقا، وأُلحق ههنا، ولقد استحسن كريسباخ أن أخرج هذا اللفظ الإلحاقي".‏
(الشاهد الثامن والثلاثون) في الآية الخامسة والثلاثين من الباب الثاني عشر من إنجيل متَّى هكذا: "فالرجل الصالح يخرج الخيرات من مخزن قلبه الصالح" ولفظ القلب إلحاقي، وهورن بعد ما أثبت إلحاقيته بالأدِّلة في الصفحة 330 من المجلد الثاني من تفسيره قال: "أخذ هذا اللفظ من الآية الخامسة والأربعين من الباب السادس من إنجيل لوقا".‏
(الشاهد التاسع والثلاثون) الآية الثالثة عشرة من الباب السادس من إنجيل متى هكذا: "ولا تدخلنا في التجربة بل نجِّنا من الشرير فإن الملكوت والقدرة والمجد لك إلى الأبد آمين" وهذه الجملة "فإن الملكوت والقدرة والمجد لك إلى الأبد" إلحاقية، وفرقة رُومَنْ كاتُلك يحكمون بإلحاقيتها جَزْماً ولا توجد في الترجمة اللاطينية، ولا في ترجمة من تراجم هذه الفرقة في اللسان الإنكليزي، وهذه الفرقة تلوم من ألحقها. قال وارد كاتلك في الصفحة 18 من كتابه المسمى بكتاب الأغلاط المطبوع سنة 1841 من الميلاد: "قبح أرازمس هذه الجملة، وقال بلنجر: ألحقت هذه الجملة من بعد، ولم يعلم الملحِق إلى الآن وما قال لارن شش، ولا مَنْ أن هذه الجملة سقطت من كلام الرب، فلا دليل عليه بل كان عليه أن يلعن ويلوم الذين جعلوا لعبتهم هذه جُزْءاً من كلام الرب غير مبالين" وردَّها الأجِلّة من محققي فرقة البروتستنت أيضاً، وآدم كلارك وإن لم تكن إلحاقيتها مختارة عنده يعترف بهذا القدر أيضاً "أن كريسباخ ووتستَيْن والمحققين الذين كانوا في علو رتبته في التحقيق ردُّوها" كما صرح به في ذيل شرح هذه الآية، ولما ثبت باعترافه أن المحققين الذين كانوا في قصوى درجة التحقيق ردّوها، فلا يضرنا مخالفته، وهذه الجملة على تحقيق فرقة الكاثوليك، وتحقيق محققي البروتستنت زيدت في صلاة المسيح، فعلى هذا ما ترك المحرفون الصلاة المشهورة أيضاً.‏
(الشاهد الأربعون) الآية الثالثة والخمسون من الباب السابع، وإحدى عشرة آية من الباب الثامن من الآية الأولى إلى الحادية عشرة من إنجيل يوحنا إلحاقية، قال هورن في إلحاقية هذه الآيات، وإن لم تكن إلحاقيتها مختارة عنده في الصفحة 310 من المجلد الرابع من تفسيره: "أرازمس وكالوين وبيزا وكروتيس وليكرك ووتستين وسملر وشلز ومورس وهين لين وبالس وسمت والآخرون من المصنفين الذين ذكرهم ونفينس وكوجو لا يسلمون صدق هذه الآيات" ثم قال (كرِيزاسُتم وتِهيْوُفِلِكْت ونُونس كتبوا شروحاً على هذا الإنجيل، فما شرحوا هذه الآيات بل ما نقلوها في شروحهم، وكتب ترتولين وساي برن رسائل في باب الزنا والعفة، وما تمسكا بهذه الآيات، ولو كانت هذه الآيات في نسخهما لذكرا أو تمسكا بها يقيناً". وقال وارد كاتلك: "بعض القدماء اعترض على أول الباب الثامن من إنجيل يوحنا" وحكم نورتن بأن هذه الآيات إلحاقية يقيناً.
(الشاهد الحادي والأربعون) في الآية الثامنة عشرة من الباب السادس من إنجيل متى هكذا: "وأبوك الناظر في السريجازيك علانية" ولفظ علانية إلحاقي، قال آدم كلارك في ذيل شرح هذه الآية بعد ما أثبت إلحاقيته: "لما لم يكن لهذا اللفظ سند كامل أسقطه كريسباخ ووتستين وبنجل من المتن".‏
(الشاهد الثاني والأربعون) في الآية السابعة عشرة من الباب الثاني من إنجيل مرقس وقع لفظ إلى التوبة وهو إلحاقي، وآدم كلارك بعد ما أثبت إلحاقيته في ذيل شرح هذه الآيات قال أسقطه كريسباخ من المتن وتبعه كرويتس ومل وبنجل".‏
(الشاهد الثالث والأربعون) في الآية الثالثة عشرة من الباب التاسع من إنجيل متى أيضاً وقع لفظ إلى التوبة وهو إلحاقي أيضاً وآدم كلارك بعد ما أثبت إلحاقيته في ذيل شرح هذه الآية قال: "استحسن مِلْ وبنجل إسقاط هذا اللفظ وأسقطه كريسباخ من المتن".‏
(الشاهد الرابع والأربعون) في الباب العشرين من إنجيل متى هكذا: 22 "فأجاب يسوع وقال: إنكم لا تعلمون ما تسألون أتستطيعون أن تشربوا الكأس التي أنا مزمع أي منتظر أن أشربها وتصطبغوا بالصبغة التي أنا بها أصطبغ قالوا له نستطيع" 23 "فقال لهم أما كأسي فتشربون، وأما الصبغة التي أنا مصطبغ بها فتصطبغون" إلى آخرها، وهذا القول "وتصطبغوا بالصبغة التي أنا بها أصطبغ" إلحاقي، وكذا القول "وأما الصبغة التي أنا أصطبغ بها فتصطبغون" وأسقطها كريسباخ من المتن في المرتين اللتين طبع المتن فيهما، وآدم كلارك في شرح هاتين الآيتين بعد ما ثبت إلحاقيتهما قال: "لا يعلم بالقواعد التي قررها المحققون لتمييز العبارة الصحيحة عن الغير الصحيحة أن يكون هذان القولان جزئين من المتن".
(الشاهد الخامس والأربعون) في الباب التاسع من إنجيل لوقا هكذا: 55 "فالتفت وانتهرهما وقال إنكما لا تعلمان أية طبيعة طبيعتكما" 56 "فإن ابن الإنسان لم يأت لهلاك أنفس الناس بل لنجاتها ثم ساروا إلى قرية أخرى" وهذه العبارة: "فإن ابن الإنسان لم يأت لهلاك أنفس الناس بل لنجاتها" إلحاقية. قال آدم كلارك في ذيل شرح هاتين الآيتين: "أسقط كريسباخ هذه العبارة عن المتن، والغالب أن النسخ القديمة جداً يكون فيها هكذا: "فالتفت وانتهرهما وقال إنكما لا تعلمان أية طبيعة طبيعتكما ثم ساروا إلى قرية".


0 التعليقات:

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites