hhhh

4587

juiol

الفصل الثاني: في دفع المطاعن.(الجزء الاول)


الفصل الثاني: في دفع المطاعن.

(الجزء الاول )
اعلم أرشدك اللّه تعالى في الدارين أن المسيحيين يدعون أن الأنبياء إنما يكونون معصومين في تبليغ الوحي فقط، تقريراً كان أو تحريراً. وأما في غير التبليغ، فليسوا بمعصومين لا قبل النبوّة ولا بعدها. فيصدر عنهم بعدها جميع الذنوب قصداً، فضلاً عن الخطأ والنسيان، فيصدر عنهم الزنا بالمحارم فضلاً عن الأجنبيات،
ويصدر عنهم عبادة الأوثان، وبناء المعابد لها، ولا يخرج عندهم نبي من إبراهيم إلى يحيى عليهما السلام لا يكون زانياً أو من أولاد الزنا أعاذنا اللّه من أمثال هذه العقائد الفاسدة في حق الأنبياء عليهم السلام.
وقد عرفت في الأمر السابع من مقدمة الكتاب، وفي الفصل الثالث والرابع من الباب الأول، وفي المقصد الأول من الباب الثاني أن ادعاءهم العصمة في التبليغ أيضاً باطل لا أصل له على أصولهم. ويصدر هذا الادعاء عنهم لتغليط العوام، فمطاعنهم على محمد صلى اللّه عليه وسلم في بعض الأمور التي يفهمونها ذنوباً في زعمهم الفاسد، لا تقدح في نبوته على أصولهم. وإني وإن كنت أستكره أن أنقل ذنوب الأنبياء والكفريات المفتريات عن كتبهم ولو إلزاماً، ولا أعتقد في حضرات الأنبياء إنصافهم بهذه الذنوب والكفريات حاشا وكلا. لكني لما رأيت أن علماء بروتستنت أطالوا ألسنتهم إطالة فاحشة في حق محمد صلى اللّه عليه وسلم في الأمور الخفيفة، وجعلوا الخردلة جبلاً لتغليط العوام الغير الواقفين على كتبهم، وكان مظنة وقوع السذج في الاشتباه بتمويهاتهم الباطلة، نقلت بعضها إلزاماً، وأتبرأ عن اعتقادها بألف لسان وليس نقلها إلا كنقل كلمات الكفر، ونقل الكفر ليس بكفر، وقدمت نقلها على نقل مطاعنهم في محمد صلى اللّه عليه وسلم والجواب عنها، وكتب القسيس وليم اسمت من علماء بروتستنت كتاباً في لسان أردو وطبعه في البلد مرزابور من بلاد الهند في سنة 1848 من الميلاد، وسماه طريق الأولياء، وكتب فيه حال الأنبياء من آدم إلى يعقوب عليهم السلام ناقلاً عن سفر التكوين وتفاسيره المعتبرة عند علماء بروتستنت، فأنقل في بعض المواضع عن هذا الكتاب أيضاً.
[1] قصة آدم عليه السلام عندهم مشهورة، وفي الباب الثالث من سفر التكوين مسطورة، وهم يعترفون أنه أذنب عمداً ولم يعترف بذنبه لما طلبه اللّه، ولم تثبت توبته عندهم إلى آخر حياته في الصفحة 23 من طريق الأولياء: (يا أسفي على أنه لم تثبت توبته وعلى أنه ما استغفر اللّه لذنبه مرة واحدة أيضاً) انتهى.
[2] في الباب التاسع من سفر التكوين هكذا: 18 (فكان بنو نوح الذين خرجوا من الفلك سام وحام ويافت وحام أبو كنعان) 20 (وبدا نوح فلاح يحرث في الأرض وغرس كرماً) 21 (وشرب خمراً فسكر وتكشف في خبا) 22 (فلما نظر حام أبو كنعان ذلك أي عورة أبيه أنها مكشفة أخبر أخوته خارجاً) 24 (فلما استيقظ نوح من الخمر، وعلم بما عمل به ابنه الأصغر) 25 (فقال ملعون كنعان، فيكون عبد العبيد لأخوته). ففيه تصريح بأن نوحاً شرب الخمر وسكر وصار عرياناً، والعجب أن المذنب بالنظر إلى عورة أبيه هو حام أبو كنعان، والذي عوقب باللعنة ابنه كنعان، وأخذ الابن بذنب الأب خلاف العدل. قال حزقيال في الآية العشرين من الباب الثامن عشر من كتابه: (النفس التي تخطئ فهي تموت، والابن لا يحمل إثم الأب، والأب لا يحمل إثم الابن وعدل العادل يكون عليه، ونفاق المنافق يكون عليه).
ولو فرضنا أنه حمل إثم الأب على الابن خلاف العدل. فما وجه تخصيص كنعان لأن أبناء حام كانوا أربعة، كوش ومصرايم وفوط وكنعان، كما هو مصرح به في الباب العاشر).
 [3] في الصفحة 74 من طريق الأولياء في حال إبراهيم هكذا: (لا يعلم حاله إلى سبعين سنة من عمره وهو تربى في الوثنيين، ومضى أكثر عمره فيهم ويعلم أن أبويه ما كانا يعرفان الإله الحق. ويحتمل أن إبراهيم أيضاً كان يعبد الأصنام ما لم يظهر اللّه عليه، ثم ظهر عليه وانتخبه من أبناء العالم، وجعله عبداً خاصاً) انتهى. فظهر أن المظنون عند المسيحيين أن إبراهيم إلى سبعين سنة من عمره كان يعبد الأصنام. أقول كونه عابد الأصنام إلى أن بلغ سبعين سنة، قريب اليقين، نظراً إلى أصولهم. لأن أهل العالم في هذا الوقت عندهم كانوا وثنيين، وهو تربى فيهم، وأبواه أيضاً كانا منهم. ولم يظهر عليه الرب إلى ذلك الوقت، والعصمة عن عبادة الأوثان ليست بشرط بعد النبوة، فضلاً عن أن تكون شرطاً قبل النبوة. وإذا ظهر حال أبي الأنبياء هذا إلى سبعين سنة من عمره قبل النبوّة، فانقل حاله بعد النبوة.
[4] في الباب الثاني عشر من سفر التكوين هكذا: 11 (فلما قرب أن يدخل إلى مصر، قال لسارة زوجته إني علمت أنك امرأة حسنة) 12 (ويكون إذا رآك المصريون فإنهم سيقولون أنها امرأته ويقتلوني ويستبقونك) 13 (والآن أرغب منك فقولي أنك أختي، ليكون لي خير بسببك، وتحيي نفس من أجلك). فسبب الكذب ما كان مجرد الخوف، بل رجاء حصول الخير أيضاً، بل الخير كان أقوى. ولذلك قدمه وقال ليكون لي خير بسببك، وتحيي نفسي من أجلك. وحصل له الخير أيضاً، كما هو مصرح به في الآية السادسة عشر. على أن خوفه من القتل مجرد وهم، لا سيما إذا كان راضياً بتركها فإنه لا وجه لخوفه بعد ذلك أصلاً، وكيف يجوز العقل أن يرضى إبراهيم بترك حريمه وتسليمها ولا يدافع دونها، ولا يرضى بمثله من له غيرة ما، فكيف يرضى مثل إبراهيم الغيور.
[5] في الباب العشرين من سفر التكوين هكذا: 1 (وارتحل إبراهيم  من هناك إلى أرض التيمن، وسكن بين قادس وسور والتحى في جرارا) 2 (قال عن سارة امرأته إنها أختي، ووجه أبي مالك ملك جرارا وأخذها) 3 (فجاء اللّه إلى أبي مالك في الحلم بالليل، وقال له: هو ذا أنت تموت من أجل الامرأة التي أخذتها لأنها ذات بعل) 4 (ولم يكن أبو مالك قربها، فقال: يا رب أتهلك شعباً باراً لا علم له) 5 (أليس هو القائل إنها أختي، وهي قالت إنه أخي). كذب هناك إبراهيم وسارة مرة ثانية، ولعل السبب هاهنا ما عدا الخوف أيضاً، كان حصول المنفعة، وقد حصلت كما هي مصرحة بها في الآية الرابعة عشر، على أنه لا وجه للخوف إذا كان راضياً بتسليمها بدون المقاتلة في الصفحة 99 من طريق الأولياء هكذا: (لعل إبراهيم لما أنكر كون سارة زوجة له في المرة الأولى، عزم في قلبه أنه لا يصدر عنه مثل هذا الذنب، لكنه وقع في شبكة الشيطان السابقة مرة أخرى بسبب الغفلة) انتهى.
[6] في الصفحة 92 و 93 من طريق الأولياء: (لا يمكن أن يكون إبراهيم غير مذنب في نكاح هاجر، لأنه كان يعلم جيداً قول المسيح المكتوب في الإنجيل، أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكراً وأنثى، وقال من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه، ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسداً واحداً) انتهى. أقول كما لا يمكن هذا، فكذا لا يمكن أن يكون غير مذنب في نكاح سارة، لأنه كان يعلم جيداً قول موسى المكتوب في التوراة: (لا تكشف أختك من أبيك كانت أو من أمك التي ولدت في البيت أو خارجاً من البيت. وكذا قوله: (أي رجل تزوج أخته ابنة أبيه أو أخته ابنة أمه، ورأى عورتها ورأت عورته، فهذا عار شديد، فيقتلان أمام شعبهما. وذلك لأنه كشف عورة أخته فيكون إثمهما في رأسهما). وكذا قوله: (يكون ملعوناً من يضاجع أخته من أبيه أو أمه). كما عرفت في الباب الثالث من هذا الكتاب، ومثل هذا النكاح مساوٍ للزنا عند علماء بروتستنت. فيلزم أن يكون إبراهيم عليه السلام زانياً قبل  النبوة وبعدها، ويكون أولاده كلهم من سارة أولاد الزنا، ولو جوز نكاح الأخت في شريعته لزم عليهم تجويز تعدد النكاح أيضاً في تلك الشريعة، فلا اعتراض باعتبار هاجر ولا باعتبار سارة وهو الحق عندنا، لكنه يلزم على أصلهم الفاسد أن هذا النبي أبا الأنبياء، كما كان كاذباً، فكذا كان زانياً من أول عمره إلى آخره، ومع هذا كان خليل اللّه، أيكون خليل اللّه مثله.
[7] في الباب التاسع عشر من سفر التكوين هكذا: 30 (فصعد لوط من صاغر وسكن الجبال وابنتاه معه وخاف أن يسكن صاغر وأوى إلى كهف هو وابنتاه معه) 31 (فقالت الكبرى منهما للصغرى إن أبانا قد شاخ وليس رجل على الأرض يستطيع يدخل علينا كالمرسوم لكل الأرض) 32 (فهلمي نسقيه خمراً ونضطجع معه ونقيم من أبينا خلفاً) 33 (فسقتا أباهما خمراً في تلك الليلة ودخلت الكبرى فاضطجعت مع أبيها وهو لم يعلم عند انضجاع ابنته ولا نهوضها) 34 (ولما كان الغد قالت الكبرى للصغرى هو ذا قد اضطجعت البارحة مع أبي فلنسقه خمراً في ليلتنا هذه أيضاً وادخلي فاضطجعي معه فنقيم نسلاً من أبينا) 35 (فسقتا أباهما خمراً في تلك الليلة أيضاً ودخلت الصغرى فاضطجعت مع أبيها ولم يعلم عند انضجاعها ولا نهوضها) 36 (فحملت ابنتا لوط من أبيهما) 37 (وولدت الكبرى ابناً ودعت اسمه مواب وهو أبو الموابيين إلى يومنا هذا) 38 (وولدت الصغرى أيضاً ابناً ودعت اسمه عمان، أي ابن جنسي فهو أبو العمانيين إلى اليوم).
وفي الصفحة 128 من طريق الأولياء بعد نقل هذا الحال هكذا: (حاله حري أن يبكى عليه ونحن بعد التأسف والخوف والخشية على أنفسنا نتعجب منه، أهو الذي بقي نقي الثوب عن جميع شرور سادوم، وكان قوياً في السلوك على صراط اللّه، وبعيداً عن جميع نجاسات تلك البلدة وغلب عليه الفسق بعد ما خرج إلى البر، فأي شخص يكون مأموناً في بلد أو بر أو كهف) انتهى كلامه. فلما بكى [ص 304] القسيسون على حاله فلا حاجة لنا إلى الإطالة، وبكاؤهم يكفي غير أني أقول أن مواب وعمان الذين تولدا بالزنا ما قتلهما اللّه، وقتل الولد الذي تولد بزنا داود عليه السلام بامرأة أوريا، لعل الزنا بامرأة الغير أشد من الزنا بالبنات عندهم، بل هم كانا من المقبولين عند اللّه. أما مواب فلأن عوبيد جد داود عليه السلام اسم أمه راعوث كما هو مصرح به في الباب الأول من إنجيل متى وراعوث هذه كانت موابية من أولاد مواب، فهي من جدات داود وسليمان وعيسى عليهم السلام، وداود ابن اللّه البكر وسليمان أيضاً ابن اللّه وعيسى ابن اللّه الوحيد، بل اللّه على زعم المسيحيين. وأما عمان فلأن رحبعام ابن سليمان، من أجداد عيسى عليه السلام، كما هو مصرح به في الباب الأول من إنجيل متى أيضاً، وأمه كانت عمانية من أولاد عمان كما هو مصرح به في الباب الرابع عشر من سفر الملوك الأول، فهي أيضاً من جدات ابن اللّه الوحيد، بل اللّه على زعمهم.
والآية التاسعة عشر من الباب الثاني من سفر الاستثناء هكذا: (وتدنو إلى قرب بني عمان احذر تقاتلهم ولا تحترك إلى محاربهم فإني لا أعطيك شيئاً من أرض بني عمان إني أعطيتها بني لوط ميراثاً). فأي شرف لمواب وعمان ولدي الزنا، أزيد من أن بعض بنات الأول صارت جدة معظمة لأبناء اللّه، بل اللّه على زعمهم. وبعض بنات الثاني صارت جدة لابن اللّه الوحيد، بل اللّه على زعمهم. وأن اللّه منع بني إسرائيل الذين كانوا أبناء اللّه بنص التوراة عن توريث أرض أولاده، لكنه بقيت خدشة وهي أنه إذا وصل نسب عيسى عليه السلام باعتبار هاتين الجدتين المعظمتين إلى مواب وعمان صار موابياً وعمانياً، وما كان للعمانيين والموابيين أن يدخلوا جماعة الرب إلى الأبد.
الآية الثالثة من الباب الثالث والعشرين من كتاب الاستثناء هكذا: (والعمانيون والموابيون بعد عشر أحقاب أيضاً لا يدخلون جماعة الرب إلى الأبد).
فكيف دخل عيسى عليه السلام جماعة الرب بل صار رئيسهم، بل ابن اللّه على زعمهم، وإن قيل أن اعتبار النسب بالآباء لا بالأمهات، فلا يكون عيسى عليه السلام عمانياً ولا موابياً، قلت لو كان كذا يلزم أن لا يكون إسرائيلياً يهودياً أو داودياً سليمانياً أيضاً، إذ حصول هذه الأوصاف له أيضاً من جانب الأم لا الأب، فلا يكون مسيحاً موعوداً به، واعتبار هذه الأوصاف باعتبار الأم وعدم اعتبار كونه عمانياً وموابياً من جهة الجدات، ترجيح بلا مرجح، وهذا وارد على داود وسليمان عليهما السلام أيضاً باعتبار راعوث، لكني لا أطيل الكلام في هذا وأرجع إلى أصل القصة، وأقول: أن لوطاً عليه السلام هذا الذي حاله حري بأن يبكى عليه عند القسيسين، لا شك أنه بحكم الإنجيل بار قديس، لم يقع الوهن عندهم في قديسيته بعد هذه الحركة الشنيعة التي لم يسمع مثلها في الأراذل الذين يكونون مخمورين أكثر الأوقات، لأنهم يميزون في حال الخمر أيضاً بناتهم عن الأجنبيات، وإذ سقط الامتياز بين البنات وغيرها لشدة الخمر، لا يبقى السكران في هذا الوقت قابلاً للجماع كما شهد به المولعون بشرب الخمر، وما سمعنا إلى الآن في الهند أن رذيلاً من الأراذل فعل هذا الأمر في الخمر ببنته أو بأمه، فإذا كان الخمر موصلاً إلى هذه الرتبة، فوا أسفي على حال أهل أوربا من المسيحيين، كيف يرجى نجاة أمهاتهم وبناتهم وأخواتهم من أيدي الأبناء والآباء والأخوة، لأنهم في أغلب الأوقات يكونون سكرانين رجالهم ونساؤهم، سيما إذا قسنا الحال بالنسبة إلى أراذلهم. والعجب أن هذا القديس كما ابتلي في الليلة الأولى، ابتلي في الليلة الثانية، إلا أن يقال إن هذا الأمر كان أمراً مقضياً ليتولد أبناء اللّه، بل اللّه من بعض بناته ويدخل هو في سلسلة نسب ابن اللّه الوحيد، ومثل هذا لو وقع لبعض آحاد الناس ضاقت عليه الأرض بما رحبت حزناً وهماً، فالعجب من لوط. أعوذ باللّه من هذه الخرافات، وأقول إن هذه القصة الكاذبة من المفتريات: في الباب الثاني من الرسالة الثانية لبطرس هكذا: 7 (وأنقذ لوطاً البار مغلوباً من سيرة الأردياء في الدعارة) 8 (إذا كان البار بالنظر والسمع وهو الساكن بينهم يعذب يوماً فيوماً نفسه البارة بالأفعال الأثيمة). فأطلق بطرس البار على لوط عليه السلام ومدحه، فأنا أشهد أيضاً أنه كان باراً برياً مما نسبوه إليه.
[8] في الباب السادس والعشرين من سفر التكوين هكذا: 6 (فمكث إسحاق في جرارة) 7 (وسأله رجال ذلك الموضع عن زوجته، فقال هي أختي لأنه خاف أن يقول أنها زوجته لئلا يقتلوه من أجل حسنها). فكذب إسحاق عمداً أيضاً مثل أبيه، وقال لزوجته أنها أخته. في الصفحة 168 من طريق الأولياء: (زل إيمان إسحاق لأنه قال لزوجته أنها أخته). ثم في الصفحة 169 (يا أسفي إنه لا يوجد كمال في أحد من بني آدم غير الواحد العديم النظير، والعجب أن شبكة الشيطان التي وقع فيها إبراهيم، وقع فيها إسحاق أيضاً، وقال عن زوجته أنها أخته، فيا أسفي أن أمثال هؤلاء المقربين عند اللّه محتاجون إلى الوعظ) انتهى كلامه. ولما تأسف القسيسون تأسفاً بليغاً على مزلة إيمانه وعدم وجود كمال فيه ووقوعه في شبكة الشيطان التي وقع فيها إبراهيم عليه السلام وكونه محتاجاً إلى الوعظ فلا نطيل الكلام فيه.
[9] في الباب الخامس والعشرين من سفر التكوين هكذا: 29 (فطبخ يعقوب طبيخاً ولما جاء عيسو إليه تعبان من الحقل) 30 (فقال له أطعمني من هذا الطبيخ الأحمر فإني تعبان جداً ولهذا السبب دعى اسمه أدوم) 31 (فقال له يعقوب بع لي بكوريتك) 32 (فأجاب وقال هو ذا أنا أموت فماذا تنفعني البكورية) 33 (فقال له يعقوب احلف لي فحلف له عيسو وباع البكورية) 34 (فقدم يعقوب لعيسو خبزاً ومأكولاً من العدس فأكل وشرب ومضى وتهاون في أنه باع البكورية). فانظروا إلى ديانة عيسو الذي هو الولد الأكبر لإسحاق عليه السلام، أنه باع البكورية، التي كان بها استحقاق منصب النبوة والبركة عنده ما كانا في رتبة هذا الخبز والأدام من العدس، وكذا انظروا إلى محبة يعقوب  عليه السلام وإلى جوده، أنه ما أعطى للأخ الأكبر الجائع التعبان هذا المأكول إلا بالبيع وما راعى المحبة الأخوية والإحسان بلا عوض.
[10] من طالع الباب السابع والعشرين من سفر التكوين، علم يقيناً أن يعقوب عليه السلام كذب ثلاث مرات وخادع أباه، وخداعه كما أثر عند إسحاق عليه السلام، أثر عند اللّه أيضاً، لأن إسحاق عليه السلام كان بصميم قلبه واعتقاده داعياً لعيسو لا ليعقوب عليه السلام، فكما لم يميز إسحاق بين الأخوين في الدعاء، فكذا لم يميز اللّه بينهما عند إجابة الدعاء، فالعجب أن ولاية اللّه والنبوة والصلاح تحصل بالمحال. وأنا تذكرت قصة مناسبة لهذا المقام وهي: أن فاجراً من فرقة بانو طلب حشيشاً من الحمّار لأجل حصانه وما أعطاه الحمار فقال إن لم تعطني أدع على حمارك فيموت الليلة، وراح فمات حصانه في تلك الليلة، فلما استيقظ ووجد حصانه ميتاً، حرك رأسه متعجباً فقال: يا عجباً يا عجباً أنه مضى مليونات من السنين على ألوهية إلهنا ولا يميز الحصان من الحمار إلى هذا الحين، دعوت على الحمار وأهلك حصاني، ولو كان حال ديانة أبي الأنبياء الإسرائيلية هكذا أو حال علم اللّه هكذا، فللمنكر أن يقول: يجوز أن يكون مبنى معاملات الأنبياء الإسرائيلية مع اللّه أيضاً على الخداع كأبيهم الأعلى، ويجوز أن يكون عيسى عليه السلام وعد اللّه أن تعطيني قدرة الكرامات، أدع الخلق إلى توحيدك وربوبيتك، لكن اللّه ما ميز الصدق عن الكذب فأعطاه القدرة فدعا إلى ربوبية نفسه وبغى على اللّه. أعوذ باللّه من هذه الأمور الواهية.
وأنقل بعض فقرات طريق الأولياء من الصفحة 179 و 180 و 181، قال أولاً: (هذا مقام غاية الخوف أن مثل هذا الشخص تفوه بكذب بعد كذب وأشرك اسم اللّه في خداعه)، ثم قال ثانياً: (قال يعقوب قولاً هو نهاية الكفران إرداة اللّه كانت أني وجدت الصيد سريعاً)، ثم قال ثالثاً: (نحن لا نعتذر من جانب يعقوب في هذا الأمر بعذر ما وليتنفر كل صالح وليفر عن مثل هذا الأمر)، ثم قال رابعاً: (خلاصة الكلام أنه أساء ليحصل الخير وفي الإنجيل يجب الجزاء على مثله)، ثم قال خامساً: (كما أذنب يعقوب أذنبت أمه أزيد منه لأنها كانت بانية هذا الفساد وهي أمرت يعقوب بفعل هذه الأمور الخادعة) انتهى.
[11] في الباب التاسع والعشرين من سفر التكوين هكذا: 15 (ثم قال ليعقوب لعل أنك أخي مجاناً تخدمني ما أجرتك) 16 (فكانت له ابنتان اسم الكبرى ليا واسم الصغرى راحيل) 17 (وكان بعيني ليا استرخاء وراحيل جميلة الوجه وحسنة المنظر) 18 (فأحب يعقوب راحيل وقال أنا أتعبد لك براحيل ابنتك الصغرى سبع سنين) 19 (فقال له لابان أنت أحق بها من غيرك فأقم عندي) 20 (وتعبد يعقوب براحيل سبع سنين وكانت عنده مثل أيام قليلة لما دخله من محبتها) 21 (فقال للابان أعطني امرأتي لأني قد أكملت الأيام لكي أدخل إليها) 32 (فجمع لابان جمعاً كثيراً من المحبين وصنع عرساً) 23 (ولما كان المساء أدخل ابنته ليا على يعقوب) 34 (وأعطى لابان أمة اسمها زلفا لابنته ودخل عليها يعقوب كالعادة ولما كان الصبح رآها أنها ليا) 25 (فقال للابان ما هذا الذي صنعت بي ألم أتعبد لك براحيل فلم خدعتني) 26 (أجاب لابان ليس في أرضنا عادة أن تزوج الصغرى قبل الكبرى) 27 (فأكمل الأسبوع هذه فأعطيك الأخرى عوضاً عن العمل الذي تعمل لي سبع سنين أخرى) 28 (ففعل يعقوب هكذا وبعد ما دخل الأسبوع تزوج براحيل) 29 (ودفع لابان إلى ابنته راحيل أمة اسمها بلها) 30 (فدخل على راحيل وأحبها أكثر من ليا وتعبد له وخدمه سبع سنين أخرى) ويرد عليه ثلاثة اعتراضات:
(الأول) أن يعقوب عليه السلام كان يقيم في بيت لابان وكان يرى بنتيه ويعرفهما معرفة جيدة، باعتبار وجوههما وأجسامهما وأصواتهما، وكان في ليا علامة  بينة هي استرخاء العينين، فالعجب كل العجب أن تكون ليا في فراشه جميع الليل ويراها ويضاجعها ويلمسها ولا يعرفها، إلا أن يقولوا أنه كان سكراناً كلوط عليه السلام، فكما لم يميز لوط عليه السلام فكذا هو.
(والثاني) أنه أحب راحيل وخدم لأجلها أباها أولاً سبع سنين، وكانت عنده مثل أيام قليلة لأجل عشقها وفرط محبتها، ثم لما خادع لابان وزوجه بنته الكبرى، خاصمه يعقوب، وأخذ راحيل بخدمة سبع سنين أخرى، وهذه الأمور على زعم المسيحيين لا تناسب رتبة النبوة، وكما خادع أباه خودع من صهره.
(والثالث) أنه ما اكتفى على زوجة واحدة، ولا يجوز نكاح امرأتين سيما أختين على زعمهم الفاسد.
واعتذر صاحب طريق الأولياء في الصفحة 189 من كتابه هكذا: (الظاهر أن يعقوب إن لم يخادعه لابان لم يتزوج غير راحيل ولا يستدل بها على جواز تعدد الزوجات، لأنه ما كان بحكم اللّه ولا برضا يعقوب) انتهى.
أقول: هذا العذر بارد لا يسمن ولا يغني ولا يحصل النجاة ليعقوب عليه السلام عن الحرمة، لأنه ما كان مكرهاً ومجبوراً على النكاح الثاني، وكان عليه أن يكتفي بزوجة واحدة. وأقول: كما قال هذا المعتذر في طعن إبراهيم عليه السلام، أن يعقوب عليه السلام كان يعلم جيداً قول المسيح المكتوب في الإنجيل، أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكراً وأنثى الخ. وكذا كان يعلم جيداً قول موسى عليه السلام إن الجمع بين الأختين حرام قطعاً، كما علمت في الباب الثالث. فأحد النكاحين باطل، والامرأة التي كان نكاحها باطلاً يلزم أن يكون أولادها وأولاد أولادها أولاد الزنا، فيلزم على كلا التقديرين كون كثير من الأنبياء الإسرائيلية كذلك والعياذ باللّه. فانظروا إلى ديانة المسيحيين إنهم لأجل صيانة أصولهم الفاسدة كيف يتهمون الأنبياء، وينسبون القبائح إليهم. على أن هذا العذر الأعرج، لا يمشي في زلفا، وبلها اللتين تزوجهما يعقوب بإشارة ليا وراحيل كما هو مصرح به في الباب الثلاثين من سفر التكوين، وأولادهما كافة تكون أولاد الزنا على أصولهم.
[12] في الباب الحادي والثلاثين من سفر التكوين هكذا: 19 (وقد كان لابان ذهب ليجز غنمه، وراحيل سرقت أصنام أبيها) 20 (فكتم يعقوب عليه السلام أمره عن حميه، ولم يعلمه أنه هارب) 21 (وهرب هو، وجميع ما كان له، وعبر النهر، وتوجه نحو جبل جلعاد) 22 (وبلغ لابان في اليوم الثالث أن يعقوب قد هرب) 23 (فأخذ لابان أخوته، وتبعه مسيرة سبعة أيام ولحقه في جبل جلعاد) 29 (وقال ليعقوب: لماذا فعلت هكذا، وسقت بناتي خفياً عني مثل من قد سبي بالسيف) 30 (والآن قد انطلقت، وإنما حملك على ذلك الشهوة أن تمضي إلى بيت أبيك فلم سرقت آلهتي) 31 (أجاب يعقوب الخ) 32 (وأما ما توبخني به في سرقته فمن وجدت عنده آلهتك يقتل قدام أخوتنا الخ) 33 (فدخل لابان إلى خباء يعقوب وليا والأمتين فلم يجدها، ولما دخل إلى خباء راحيل) 34 (فهي أسرعت، وخبت الأصنام تحت حداجة جمل، وجلست عليه، ففتش لابان الخباء كله، ولم يجد شيئاً) 35 (وقالت لا تؤاخذني يا سيدي إني لا أستطيع النهوض نحوك لأني في علة النساء، وفتش لابان جميع ما في البيت فلم يجد).
فانظروا إلى راحيل كيف سرقت أصنام أبيها، وكيف كذبت، والظاهر أنها سرقت لعباداتها، كما يدل عليه ظاهر عبارة الباب الخامس والثلاثين من سفر التكوين، كما ستعرف في الشاهد الآتي، ولأنها كانت من بيت الوثنيين وأن أباها كان وثنياً يعبد الأصنام، كما دلت عليه الآية الثلاثون، والثانية والثلاثون والظاهر أنها تكون على دين أبيها، فهذه الزوجة المحبوبة ليعقوب عليه السلام كانت سارقة، كاذبة، وعابدة للأصنام.
[13] في الباب الخامس والثلاثين من سفر التكوين هكذا: 2 (وقال يعقوب لأهله، وجميع من معه اعزلوا الآلهة الغرباء من بينكم وتطهروا، وأبدلوا ثيابكم) 4 (فدفعوا له جميع الآلهة الغرباء التي كانت في أيديهم والأقرطة التي كانت في آذانهم، فدفنها تحت البطمة التي عند شخيم).
والظاهر من هذه العبارة أن أهل بيت يعقوب عليه السلام، ومن معه إلى هذا الحين كانوا يعبدون الأصنام، وهذا الأمر بالنظر إلى بيته شنيع جداً أما نهاهم قبل هذا عن عبادة الأوثان، وإذا دفعوا إليه جميع الآلهة الغرباء، فالظاهر أن راحيل أيضاً دفعت الآلهة المسروقة أيضاً، فكان على يعقوب عليه السلام أن يرسلها إلى لابان لا أن يدفنها تحت البطمة التي عند شخيم، ويعذر راحيل على سرقتها.
[14] في الباب الرابع والثلاثين من سفر التكوين هكذا: 1 (وخرجت دينا ابنة ليا لتنظر إلى بنات ذلك البلد) 2 (فنظرها شخيم بن حمور الحاوي، رئيس الأرض فأحبها فأخذها وضاجعها وذلها) 3 (وتعلقت نفسه بها، وأحبها وكلمها بما وافقها، ووقع بقلبها) 4 (فقال شخيم لحمور أبيه خذ هذه الجارية لي زوجة) 8 (فكلمهم حمور) الخ 13 (فأجاب بنو يعقوب الخ) 14 (لا نستطيع نصنع ما تطلبان، ولا أن نعطي أختنا لرجل أغلف فإن ذلك عار علينا) 15 (بهذا نشبهكم إذا ما صرتم مثلنا لكي تختنوا كل ذكوركم) 24 (فارتضى جميعهم واختتن كل من كان منهم ذكراً) 25 (فلما كان اليوم الثالث وقد بلغ منهم الوجع جداً، أخذ ابنا يعقوب شمعون ولاوى أخوا دينا، كل واحد منهما سيفه، ودخلا المدينة على طمأنينة، وقتلا كل ذكر) 26 (وحمور، وشخيم ابنه، وأخذا دينا [ص 312] أختهما من بيت شخيم) 27 (وخرجا ودخل بنو يعقوب على القتلى، ونهبوا المدينة التي فضحت فيها دينا أختهم) 28 (وأخذوا غنمهم، وبقرهم، وحميرهم، وكل ما في البيوت، وكل ما في الحقل وسبوا صبيانهم، ونساءهم).
فانظروا إلى عصمة دينا بنت يعقوب أنها زنت، وتعشقت بشخيم كما يدل عليه قوله: ووقع بقلبها. وانظروا إلى ظلم أبناء يعقوب، أنهم قتلوا ذكور أهل البلدة كلهم، وسبوا نساءهم وصبيانهم، ونهبوا جميع أموالهم. فخطؤهم وظلمهم ظاهر، وخطأ يعقوب عليه السلام أنه لم يمنعهم عن هذه الحركة الشنيعة قبل وقوعها، وما أخذ القصاص منهم، وما رد النساء والصبيان والأموال المسلوبة، وإن كان غير قادر على منعهم، ورد هذه الأشياء، وأخذ القصاص، فكان عليه أن يترك رفاقة هذه الظلمة، على أنه يبعد كل البعد أن يقتل رجلان أهل البلدة كلهم، ولو فرضنا أنهم كانوا في وجع الختان.
[15] في الباب الخامس والثلاثين من سفر التكوين هكذا: (مضى روبيل، وضاجع بلها سرية أبيه فسمع إسرائيل).
فانظروا إلى روبيل الولد الأكبر ليعقوب عليه السلام، أنه زنى بزوجة أبيه، وإلى يعقوب أنه ما أجرى الحد أو التعزيز، لا على ابنه، ولا على هذه الزوجة، والظاهر أن حد الزنا في هذا الوقت كان إحراق الزاني والزانية بالنار، كما يفهم من الآية الرابعة والعشرين من الباب الثامن والثلاثين من سفر التكوين، ودعا على هذا الابن في آخر حياته كما هو مصرح به في الباب التاسع والأربعين من هذا السفر.
[16] في الباب الثامن والثلاثين من سفر التكوين: 6 (وأن يهوذا زوج ابنه بكره عير امرأة اسمها ثامار) 7 (وكان عبر بكر يهوذا رديئاً بين أيدي الرب فقتله الرب) 8 (وقال يهوذا لابنه أونان: ادخل على امرأة أخيك، وكن معها، وأقم زرعاً لأخيك) 9 (فلما علم أونان أن الخلف لغيره كان إذا دخل إلى امرأة أخيه، يفسد على الأرض لئلا يكون زرعاً لأخيه) 10 (فظهر ذلك منه سوء أمام الرب لفعله ذلك، وقتله الرب) 11 (فقال يهوذا لثامار كنته اجلسي أرملة في بيت أبيك حتى يكبر شيلا ابني) الخ 13 (فاعلموا ثامار قائلين هو ذا حموك صاعداً إلى تمنت ليجز غنمه) 14 (فطرحت عنها ثامار ثياب الترمل وأخذت رداء وتزينت، وجلست في قارعة الطريق) الخ 15 (فلما رآها يهوذا ظن أنها زانية لأنها كانت قد غطت وجهها لئلا تعرف) 16 (ودخل عندها وقال لها دعيني أدخل إليك، لأنه لم يعلم أنها كنته. فقالت له: ماذا تعطيني حتى تدخل إليّ) 17 (فقال لها: أنا أرسل لك جدياً ماعزاً من القطان، وهي قالت له: أعطني رهناً حتى ترسله) 18 (فقال يهوذا: أي شيء أعطيك رهناً. فقالت: خاتمك، وعمامتك، وعصاك التي بيدك. فأعطاها لها، ودخل عليها فحبلت منه) 19 (وقامت فمضت، وطرحت عنها لبسها ورداءها، ولبست ثياب ترملها) 24 (فلما كان بعد ثلاثة أشهر أخبروا يهوذا قائلين: زنت ثامار كنتك وهو ذا قد حبلت من الزنا. فقال يهوذا أخرجوها لتحرق) 25 (وإذا هم أخرجوها، أرسلت إلى حميها قائلة: مِنَ الرجل الذي هذه له، حبلت أنا، فاعرف لمن هو الخاتم والعمامة، والعصا) 26 (فعرفها يهوذا، وقال تبررت هي أكثر مني لموضع أني لم أعطها لشيلا ابني، ولكنه لم يعد يعرفها بعد ذلك) 27 (وكان لما دنا وقت الولادة وإذا توأم في بطنها فعند طلقها، الواحد سبق وأخرج يده فأخذت القابلة قرمزاً وربطته في يده قائلة: هذا يخرج أولاً) 29 (فهاضم يده إليه للوقت، وخرج أخوه فقالت: هي لماذا من أجلك انقطع السياح، ولذلك دعت اسمه فارض) 30 (وبعد ذلك خرج أخوه الذي على يده القرمز، فدعت اسمه زارح).
ههنا أمور: الأول: أن الرب قتل عير لكونه رديئاً ورداءته لم تبين أكانت  هذه الرداءة أشد من رداءة عمه الكبير حيث زنا بزوجة أبيه، ومن رداءة عميه الآخرين شمعون ولاوى حيث قتلا ذكور أهل البلدة كلهم، ومن رداءة أبيه وجميع أعمامه حيث نهبوا أموال تلك البلدة وسبوا نساءها وأطفالها، ومن رداءة أبيه حيث زنى بزوجته بعد موته. أهؤلاء كانوا قابلين للرأفة وعدم القتل وكان عير قابلاً للقتل فقتله الرب.
والثاني: العجب أن الرب قتل أونان على خطأ عزل المني، وما قتل أعمامه وأباه على الخطيآت المذكورة. أهذا العزل أشد ذنباً من هذه الخطيآت.
والثالث: أن يعقوب لم يجر الحد ولا التعزيز على هذا الولد العزيز ولا على هذه الامرأة الفاجرة، بل لم يثبت من هذا الباب ولا من باب آخر أنه تنغص لأجل هذا الأمر من يهوذا، والباب التاسع والأربعون من سفر التكوين شاهد صدق على عدم تكدره حيث ذم روبيل وشمعون ولاوى على ما صدر عنهم، وما ذم يهوذا على ما صدر عنه، بل سكت عما صدر عنه ومدحه مدحاً بليغاً ودعا له دعاء كاملاً ورجحه على أخوته.
والرابع: أن ثامار شهد في حقها يهوذا صهرها بشدة البر، فسبحان اللّه نعم البار ونعمت البارة الفائقة في البر من الباب المذكور كيف لا تكون بارة شديدة حيث لم تكشف عورتها إلا لأبي زوجها وما زنت إلا بحميها أو حصلت منه بهذا الزنا الواحد ابنين كاملين.
والخامس: أن داود وسليمان وعيسى عليهم السلام كلهم في أولاد فارض الذي حصل بالزنا كما هو مصرح به في الباب الأول من إنجيل متى.
والسادس: أن اللّه ما قتل فارض وزارح مع كونهما ولدي الزنا، بل أبقاهما كابني لوط اللذين كانا ولدي زنا، وما قتلهما كما قتل ولد داود عليه السلام الذي تولد  بزناه بامرأة أوريا، لعل الزنا بامرأة الغير أشد من الزنا بزوجة الابن.
[17] في الباب الثاني والثلاثين من سفر الخروج هكذا: 1 (ورأى الشعب أن موسى قد تأخر أن يهبط من الجبل فاجتمع الشعب إلى هارون وقالوا له قم فاجعل لنا آلهة يسيرون أمامنا من أجل أن موسى هذا الرجل الذي أصعدنا من أرض مصر لا ندري ماذا أصابه) 2 (فقال لهم هارون: انزعوا قرطة الذهب التي في آذان نسائكم وأبنائكم وبناتكن وائتوني بها) 3 (فنزع الشعب الأقرطة التي في آذانهم وأتوا بها إلى هارون) 4 (فأخذها منهم وصيرها عجلاً سبيكاً وقالوا هذه آلهتك يا إسرائيل الذين أصعدوك من أرض مصر) 5 (فلما نظر هارون ذلك بنى مذبحاً أمامه ونادى وقال غداً عيد للرب) 6 (فقاموا بالغداة وقربوا وقوداً وذبائح مسلمة وجلس الشعب يأكلون ويشربون وقاموا يلعبون). فظهر من هذه العبارة أن هارون صنع عجلاً وبنى مذبحاً أمامه ونادى وقال: غداً عيد للرب. فعبد العجل وأمر بني إسرائيل بعبادته فقربوا وقوداً وذبائح، ولا شك أنه رسول.
كتب القسيس اسمت في القسم الأول من كتابه المسمى بتحقيق الدين الحق المطبوع سنة 1842 في الصفحة 42: (كما أنه لم يكن بينهم) أي بين بني إسرائيل (سلطان لم يكن بينهم نبي غير موسى وهارون وسبعين من المعينين) انتهى. ثم قال: (لم يكن غير موسى وهارون ومعينيهما نبياً لهم) انتهى. فظهر أن هارون نبي عند المسيحيين.
ولا بد أن يعلم الناظر أني نقلت هاتين العبارتين من النسخة المطبوعة سنة 1842 وكتبت الرد على هذه النسخة، وسميته تقليب المطاعن، ورد صاحب الاستفسار أيضاً على هذه النسخة، وسمعت أن هذا القسيس بعد الرد حرف كتابه فزاد في بعض المواضع ونقص في البعض، وبدل البعض، كما فعل صاحب ميزان الحق في نسخة الميزان مثله، فلا أعلم أن هذا القسيس ألقى هاتين العبارتين في النسخة الأخيرة المحرفة أم لا، وعبارات العهد العتيق تدل على نبوته أيضاً وكونه متبعاً لشريعة موسى عليه السلام لا ينافي نبوته، كما لا ينافي هذا الأمر نبوة يوشع وداود وأشعيا وأرمياء وحزقيال وغيرهم من الأنبياء الإسرائيلية، الذين كانوا ما بين زمان موسى وعيسى عليهم السلام. في الآية السابعة والعشرين من الباب الرابع من سفر الخروج هكذا: (فقال الرب لهارون اذهب وتلق موسى إلى البرية فمضى وتلقى به إلى جبل اللّه وقبله). وفي الباب الثامن عشر من سفر العدد هكذا: 1 (وقال الرب لهارون) الخ 8 (ثم كلم الرب هارون وقال له) الخ 20 (ثم قال الرب لهارون) الخ. وفي هذا الباب من الأول إلى الآخر هو المخاطب حقيقة. وفي الباب الثاني والرابع والرابع عشر والسادس عشر والتاسع عشر توجد هذه العبارة: (وكلم الرب موسى وهارون وقال لهما) في ستة مواضع. وفي الآية الثالثة عشر من الباب السادس من سفر الخروج هكذا: (فكلم الرب موسى وهارون وأوصاهما وأرسلهما إلى بني إسرائيل وإلى فرعون ملك مصر ليخرجا بني إسرائيل من مصر). فظهر من هذه العبارات أن اللّه أوحى إلى هارون عليه السلام منفرداً وبشركة موسى عليه السلام، وأرسله إلى بني إسرائيل وفرعون كما أرسل موسى عليه السلام، ومن طالع كتاب الخروج يظهر له أن المعجزات التي صدرت في مقابلة فرعون، ظهر أكثرها على يد هارون عليه السلام، وكانت مريم أخت موسى وهارون عليهما السلام أيضاً، نبيئة كما هو مصرح به في الآية العشرين من الباب الخامس عشر من سفر الخروج هكذا: (وأخذت مريم النبيئة أخت هارون دفاً في يدها) الخ. والآية السادسة والعشرون من الزبور المائة والخامس هكذا: (أرسل موسى عبده وهارون الذي انتخبه). والآية السادسة عشر من الزبور المائة والسادس هكذا: (واغضبوا موسى في المعسكر وهارون قديس الرب). فإنكار صاحب ميزان الحق نبوة هارون في الصفحة 105 من كتابه المسمى بحل الإشكال المطبوع سنة 1847 ليس بشيء.
[18] في الباب الثاني من سفر الخروج هكذا: 11 (وفي تلك الأيام لما شب موسى خرج إلى أخوته وأبصر تعبدهم ورأى رجلاً من أهل مصر يضرب رجلاً من أخوته العبرانيين) 12 (فالتفت إلى الجانبين فلم ير أحداً فقتل المصري ودفنه). فقتل موسى عليه السلام بعصبية قومه المصري.
[19] في الباب الرابع من سفر الخروج هكذا: 10 (فقال موسى أرغب إليك يا رب إني لست برجل فصيح الكلام من أمس ولا من أول منه أيضاً ولا من حين خاطبت عبدك إني ألثغ وثقيل اللسان) 11 (فقال له الرب من الذي خلق فم الإنسان، أو من صنع الأخرس والأصم والبصير والأعمى أليس أنا) 12 (فاذهب وأنا أكون في فيك وأعلمك ما تتكلم) 13 (فأما هو فقال أرغب إليك يا رب أن ترسل من أنت ترسل) 24 (فاشتد غضب الرب على موسى) الخ. فاستعفى موسى عليه السلام عن النبوة، وقد كان الرب وعده وجعله مطمئناً، فاشتد عليه غضب الرب.
[20] في الآية التاسعة عشر من الباب الثاني والثلاثين من سفر الخروج هكذا: (فلما دنا من المحلة وأبصر العجل وجوق المغنيين فاشتد غضب موسى ورمى باللوحين من يده فكسرهما في أسفل الجبل). وهذان اللوحان كانا من عمل اللّه وخط اللّه، كما هو مصرح به في هذا الباب، فكسرهما خطأ، ولم يحصل بعد ذلك مثلهما، لأن اللوحين اللذين حصلا بعدهما كانا من عمل موسى ومن خطه، كما هو مصرح به في الباب الرابع والثلاثين من سفر الخروج.
[21] الآية الثانية عشر من الباب العشرين من سفر العدد هكذا: (وقال الرب لموسى وهارون من أجل إنكما لم تصدقاني وتقدساني قدام بني إسرائيل، من أجل ذلك لا تدخلان أنتما بهذه الجماعة إلى الأرض التي وهبت لهم). وفي الباب الثاني والثلاثين من سفر الاستثناء هكذا: 48 (وكلم الرب موسى في ذلك اليوم وقال له) 49 (ارق هذا الجبل عبريم وهو جبل المجازاة إلى جبل نابو  الذي في أرض مواب تلقاء أريحاء، ثم انظر إلى أرض كنعان التي أنا أعطيها لبني إسرائيل ليرثوها ثم مت في الجبل) 50 (الذي تصعد إليه ويجتمع إلى شعوبك، كما مات أخوك هارون في هور الطور واجتمع إلى شعبه) 51 (على أنكما عصيتماني في بني إسرائيل عند ماء الخصام في قادس برية صين ولم تطهراني في بني إسرائيل) 52 (فإنك ستنظر إلى الأرض التي أنا أعطيها بني إسرائيل من تلقائها، وأما أنت فلا تدخلها). ففي هاتين العبارتين تصريح بصدور الخطأ عن موسى وهارون عليهما السلام بحيث صارا محرومين عن الدخول في الأرض المقدسة، وقد قال اللّه زاجراً: إنكما لم تصدقاني وتقدساني وإنكما عصيتماني.
[22] زنى شمسون الرسول بامرأة زانية، كانت في غزة، ثم تعشق امرأة اسمها دليلي التي كانت من أهل وادي شوارق، وكان يدخل إليها، فأمرها كفار فلسطين أن تسأله، كيف يقدر الفلسطانيون عليه ويوثقونه، ولا يقدر هو على كثر الوثاق، ووعدوا العطية الجزيلة. فسألته فكذب ثلاث مرات، فقالت له هذه الفاجرة كيف تقول أنك تحبني وقلبك ليس معي وقد كذبتني ثلاث دفعات، وضيقت عليه بكلامها أياماً كثيرة فأطلعها على كل شيء، وقال: إن حلقوا شعر رأسي زالت عني قوتي وصرت كواحد من الناس. فلما رأت أنه قد أظهر ما في قلبه فدعت رؤساء أهل فلسطين، وأنامته على ركبتها، ودعت الحلاق فحلق سبع خصال شعر رأسه. فزالت عنه قوته، فأسروه وقلعوا عينيه وحبسوه في السجن، ثم استشهد هناك. وهذه القصة مصرح بها في الباب السادس عشر من سفر القضاة وشمسون نبي وتدل على نبوته الآية 5 و 25 من الباب الثالث عشر. والآية 6 و 19 من الباب الرابع عشر، والآية 14 و 18 و 19 من الباب الخامس عشر من السفر المذكور، والآية الثانية والثلاثون من الباب الحادي عشر من الرسالة العبرانية.
[23] في الباب الحادي والعشرين من سفر صموئيل الأول في حال داود، لما فر من خوف شاوول ملك إسرائيل، ووصل إلى نوبا عند أخيملك الكاهن هكذا: 1 (وأتى داود إلى نوبا أخيملك الحبر، فتعجب أخيملك من إتيان داود وقال له لماذا جئت وحدك وليس معك أحد) 2 (فقال داود لأخيملك الكاهن إن الملك أمرني بشيء وقال لي لا يعلم أحد بهذا فيما أبعثك وأمرتك، فأما الفتيان فقد فرضت لهم ذلك الموضع وذلك) 3 (والآن إن كان شيء تحت يدك أو خمسة من الخبز فادفع إلي أو مهما وجدت) 6 (وأعطاه الخبز خبز القدس الخ) 8 (وقال داود لإخيملك أهنا تحت يدك سيف أو حربة، لأن سيفي وحربتي لم آخذ معي، لأن كان أمر الملك مسرعاً). فكذب داود عليه السلام كذباً بعد كذب، وصارت ثمرة هذا الكذب أن شاوول السفاك ملك بني إسرائيل قتل أهل نوبا كلهم، ذكورهم ونساءهم وأطفالهم ودوابهم من البقر والغنم والحمر، وقتل في هذه الحادثة خمسة وثمانون كاهناً، ونجا في هذه الحادثة ابن لإخيملك اسمه ابيثار، وفر ووصل إلى داود عليه السلام. وأقر داود عليه السلام بأني سبب لقتل أهل بيتك كلهم، كما هو مصرح به في الباب الثاني والعشرين من السفر المذكور.
[24] في الباب الحادي عشر من سفر صموئيل الثاني هكذا: (قام داود عليه السلام من فراشه بعد الظهر يتمشى على سطح مجلس ملكه، فأبصر امرأة تغتسل على سطحها وكانت جميلة جداً، فأرسل داود عليه السلام وسأل عن الامرأة وقالوا له إنها بنت شباع امرأة أوريا، فأرسل داود رسلاً وأخذها ونام معها، ثم رجعت إلى بيتها فحبلت وأخبرته وقالت إني قد حبلت. فأرسل داود عليه السلام إلى يواب قائلاً له: أرسل إلى أوريا، فأرسل يواب أوريا، وسأل داود عليه السلام أوريا عن سلامة يواب وعن سلامة الشعب وعن الحرب، ثم قال: انزل إلى بيتك. فخرج أوريا فرقد بباب بيت الملك ولم ينحدر إلى بيته، وأخبروا داود عليه السلام، أن أوريا لم ينزل إلى بيته. فقال داود عليه السلام: لماذا لم تنحدر إلى بيتك. فقال أوريا: تابوت اللّه وإسرائيل ويهوذا في الخيام وسيدي يواب وعبيد سيدي في القفر وأنا أنطلق إلى بيتي وآكل وأشرب وأنام مع امرأتي، لا وحياتك وحياة نفسك أني لا أفعل هذا. وقال داود عليه السلام: أقم اليوم أيضاً ههنا، وإذا كان الغد أرسلك. وبقي أوريا في أورشليم ذلك اليوم، وفي اليوم الآخر داعه داود عليه السلام ليأكل قدامه ويشرب فسكره، وخرج وقت المساء فنام مكانه على جانب عبيد سيده ولم ينحدر إلى بيته، فلما كان الصباح كتب داود عليه السلام صحيفة إلى يواب، وأرسلها بيد أوريا وقال صيروا أوريا في أول الحرب، وإذا اشتبك الحرب ارجعوا واتركوه وحده ليقتل، فلما نزل يواب حول القرية أقام أوريا في المكان الذي يعلم أن الرجال الشجعان هناك، فخرج أهل القرية فقاتلوا يواب فسقط من الشعب قوم من عبيد داود عليه السلام وأوريا فمات، وأرسل يواب إلى داود عليه السلام وأخبره، وسمعت امرأة أوريا أن زوجها قد مات فناحت عليه، فلما انقضت مناحتها، أرسل داود عليه السلام فأدخلها بيته وصارت له امرأة وولدت له ابناً، وساء هذا الفعل الذي فعل داود أمام الرب) انتهى ملخصاً. وفي الباب الثاني عشر من سفر صموئيل الثاني حكم الرب لداود على لسان ناثان النبي عليهما السلام هكذا: 9 (ولماذا أزريت بوصية الرب وارتكبت القبيح أمام عيني وقتلت أوريا الحيتاني في الحرب وامرأته أخذتها لك امرأة وقتلته بسيف بني عمون) 14 (ولكن لأنك أشمت بك أعداك الرب بهذه الفعلة فالابن الذي ولد لك موتاً يموت) فصدر عن داود ثمانية خطيئات:
(الأولى) أنه نظر إلى امرأة أجنبية بنظر الشهوة، وقد قال عيسى عليه السلام أن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه، كما هو مصرح به في الباب الخامس من إنجيل متى.
(والثانية) أنه ما اكتفى على نظر الشهوة، بل طلبها وزنى بها، وحرمة الزنا قطعية، ومن الأحكام العشرة المشهورة. كما قال اللّه في التوراة لا تزن.
(والثالثة) أن هذا الزنا كان بزوجة الجار، وهذا أشد أنواع الزنا، وذنب آخر كما هو مصرح به في الأحكام العشرة المشهورة.
(والرابعة) ما أجرى حد الزنا لا على نفسه، ولا على هذه الامرأة. والآية العاشرة من الباب العشرين من سفر الأحبار هكذا: (ومن زنى بامرأة لها رجل فليقتل الزاني، والزانية). والآية الثانية والعشرون من الباب الثاني والعشرين من سفر الاستثناء هكذا: (إن اضطجع رجل مع امرأة غيره فكلاهما يموتان الزاني والزانية، وارفع الشر من إسرائيل).
(والخامسة) أن داود عليه السلام طلب أوريا من المعسكر، وأمره أن يذهب إلى بيته، وجل غرض داود عليه السلام أن يلقي على عيبه ستراً، ويكون هذا الحبل منسوباً إلى أوريا. ولما لم يذهب لأجل ديانته، وحلف أنه لا يروح، فأقامه داود عليه السلام اليوم الثاني، وجعله سكران يسقي الخمر الكثير ليروح إلى بيته في حالة الخمار، لكنه لم يرح في هذه الحالة أيضاً مراعياً لديانته، ولم يلتفت إلى زوجته الجميلة التي كانت جائزة له شرعاً وعقلاً. فسبحان اللّه العزيز حال ديانة العوام عند أهل الكتاب في ترك الأمر الجائز لأجل الديانة هكذا، وحال ديانة الأنبياء الإسرائيلية في ارتكاب الفواحش هكذا.
(والسادسة) أنه لما لم تحصل ثمرة مقصوده على إسكار أوريا، عزم داود عليه السلام على قتله، فقتله بسيف بني عمون، وفي الآية السابعة من الباب الثالث والعشرين من سفر الخروج: (لا تقتل البار الزكي).
(والسابعة) أنه لم يتنبه على خطأه، ولم يتب ما لم يعاتبه ناثان النبي عليه السلام.
 (والثامنة) أنه قد وصل إليه حكم اللّه بأن هذا الولد الذي تولد بالزنا يموت، ومع هذا دعا لأجل عافيته، وصام وبات على الأرض.
[25] في الباب الثالث عشر من سفر صموئيل الثاني، أن حمنون الولد الأكبر لداود زنى بثامار قهراً ثم قال لها أخرجي، ولما امتنعت عن الخروج أمر خادمه فأخرجها، وأغلق الباب خلفها فخرجت صارخة، وسمع داود عليه السلام هذه الأمور، وشقت عليه، لكنه لم يقل لحمنون شيئاً لمحبته له ولا لثامار، وكانت ثامار هذه أختاً لأبي شالوم بن داود عليه السلام يقيناً، ولذلك بغض أبيشالوم حمنون، وعزم على قتله، ولما قدر عليه قتله.
[26] في الآية الثانية والعشرين من الباب السادس عشر من سفر صموئيل الثاني هكذا: (فضربوا لأبيشالوم خيمة على السطح، ودخل على سراري أبيه تجاه جميع إسرائيل) ثم حارب أبيشالوم الأب حتى قتل في تلك المحاربة عشرون ألفاً من بني إسرائيل كما هو مصرح به في الباب الثامن عشر، فابن داود عليه السلام هذا فاق روبيل الولد الأكبر ليعقوب عليه السلام بثلاثة أوجه:
(الأول) أنه زنى بجميع سراري أبيه بخلاف روبيل فإنه زنى بسرية واحدة.
(والثاني) أنه زنى تجاه جميع إسرائيل علانية بخلاف روبيل فإنه زنى خفية.
(والثالث) أنه حارب أباه حتى قتل عشرون ألفاً من بني إسرائيل. وداود عليه السلام مع صدور هذه الأمور عن هذا الخلف السوء، كان وصى رؤساء العسكر أن لا يقتله أحد، لكن يواب خالف أمره، وقتل هذا الخلف السوء، ولما سمع داود عليه السلام بكى بكاءً شديداً، وحزن عليه. وأنا لا أتعجب من هذه  الأمور لأن أمثالها لو صدرت عن أولاد الأنبياء، بل الأنبياء، ليست عجيبة على حكم كتبهم المقدسة، بل أتعجب ان زناه بسراري أبيه كان بعدل الرب، وهو كان هيج هذا الزاني، لأنه كان وعده على لسان ناثان النبي عليه السلام لما زنى داود عليه السلام بامرأة أوريا. في الباب الثاني عشر من السفر المذكور هكذا: 11(فهذا ما يقول الرب هو ذا أنا مثير عليك شراً من بيتك، وآخذ نساءك عيانك فأعطي صاحبك فينضجع مع نسائك عيان هذه الشمس) 12 (فإنك أنت فعلت هذا خفياً، وأنا أجعل هذا الكلام أمام جميع إسرائيل، ومقابل الشمس) فوفى اللّه بما وعد.
[27] في الباب الحادي عشر من سفر الملوك الأول هكذا: 1 (وكان سليمان الملك قد أحب نساء كثيرة غريبة، وابنة فرعون، ونساء من بنات الموابيين، ومن بنات عمون، ومن بنات أدوم، ومن بنات الصيدانيين، ومن بنات الحيثانيين) 2 (من الشعوب الذين قال الرب لبني إسرائيل لا تدخلوا إليهم، ولا يدخلوا إليكم لئلا يميلوا قلوبكم إلى آلهتكم، وهؤلاء التصق بهم سليمان بحب شديد) 3 (وصار له سبعمائة امرأة حرة، وثلثمائة سرية، وأغوت نساءه قلبه) 4 (فلما كان عند كبر سليمان أغوت نساءه إلى آلهة أخر، ولم يكن قلبه سليماً للّه ربه مثل قلب داود أبيه) 5 (وتبع سليمان عستروت إله الصيدانيين وملكوم صنم بني عمون) 6 (وارتكب سليمان القبح أمام الرب ولم يتم أن يتبع الرب مثل داود أبيه) 7 (ثم نصب سليمان نصبة لكاموش صنم مواب في الجبل الذي قدام أورشليم، ولملكوم وثن بني عمون) 8 (وكذلك صنع لجميع نسائه الغرباء، وهن يبخرن، ويذبحن لآلهتهن) 9 (فغضب الرب على سليمان حيث مال قلبه عن الرب إله إسرائيل الذي ظهر له مرتين) 10 (ونهاه عن هذا الكلام أن لا يتبع آلهة الغرباء، ولم يحفظ ما أمره به الرب) 11 (فقال الرب لسليمان: إنك فعلت هذا الفعل، ولم تحفظ عهدي ووصاياي التي أمرتك بهن، أشق شقاً ملكك، وأصيره إلى عبدك). فصدر عن سليمان عليه السلام خمس خطيئات:
(الأولى) وهي أعظمها أنه ارتد في آخر عمره، الذي هو حين التوجه إلى اللّه. وجزاء المرتد في الشريعة الموسوية الرجم، ولو كان نبياً ذا معجزات كما هو مصرح به في الباب الثالث عشر، والسابع عشر من سفر الاستثناء، ولا يعلم من موضع من مواضع التوراة، أنه يقبل توبة المرتد، ولو كان توبة المرتد مقبولة، لما أمر موسى عليه السلام بقتل عبدة العجل، حتى قتل ثلاثة وعشرين ألف رجل على خطأ عبادته.
(والثانية) أنه بنى المعابد العالية للأصنام في الجبل قدام أورشليم، وهذه المعابد كانت باقية مئتين سنة حتى نجسها، وكسر الأصنام يوسنا بن آمون ملك يهوذا في عهده، بعد موت سليمان عليه السلام بأزيد من ثلثمائة وثلاثين سنة، كما هو مصرح به في الباب الثالث والعشرين من سفر الملوك الثاني.
(والثالثة) أنه تزوج نساء من سفر الشعوب، التي كان اللّه منع من الالتصاق بهم، في الباب السابع من الاستثناء هكذا: (ولا تجعل معهم زيجة فلا تعط ابنتك لابنه، ولا تتخذ ابنته لابنك).
(والرابعة) تزوج ألف امرأة، وقد كانت كثرة الأزواج محرمة على من يكون سلطان بني إسرائيل في الآية السابعة عشر من الباب السابع عشر من سفر الاستثناء هكذا: (ولا تكثر نساؤه لئلا يخدعن نفسه).
(والخامسة) أن نساءه كن يبخرن ويذبحن للأوثان، وقد صرح في الباب الثاني والعشرين من سفر الخروج: (من يذبح للأوثان فليقتل). فكان قتلهن واجباً، وأيضاً أنهن أغوين قلبه، فكان رجمهن واجباً على ما هو مصرح به في الباب الثالث عشر من سفر الاستثناء، وهو ما أجرى عليهم الحدود إلى آخر حياته.
فالعجب أن داود وسليمان عليهما السلام ما أجريا حدود التوراة على أنفسهما، ولا على أهل بيتهما فأية مداهنة أزيد من هذا، أهذه الحدود التي فرضها اللّه للإجراء على المساكين المفلوكين فقط. ولم تثبت توبة سليمان عليه السلام من موضع من مواضع العهد العتيق، بل الظاهر عدم توبته لأنه لو تاب لهدم المعابد التي بناها، وكسر الأصنام التي وضعها في تلك المعابد، ورجم تلك النساء المغويات. على أن توبته ما كانت نافعة لأن حكم المرتد في التوراة ليس إلا الرجم، وما ادعى صاحب ميزان الحق في الصفحة الخامسة والخمسين من طريق الحياة المطبوعة سنة 1847 من توبة آدم وسليمان عليهما السلام، فادعاء بحت وكذب صرف.
[28] قد عرفت في الأمر السابع من مقدمة الكتاب أن النبي الذي كان في بيت أيل كذب في تبليغ الوحي، وخدع رجل اللّه المسكين، وألقاه في غضب الرب وأهلكه.
[29] في الباب العاشر من سفر صموئيل الأول في حق شاوول ملك إسرائيل السفاك المشهور هكذا: 10 (وأتوا إلى الرابية وإذا صف من الأنبياء استقبله، وحل عليه روح الرب فتنبأ بينهم) 11 (وحينما نظره الذين يعرفونه من أمس، وقبل من الأمس فإذا هو مع الأنبياء متنبي، قال كل امرئ منهم لصاحبه: ما هذا الذي أصاب ابن قيس شاوول في الأنبياء) 12 (فأجاب بعضهم البعض وقالوا: من أبوهم من أجل هذا صار مثلاً هل أيضاً شاوول في الأنبياء) 13 (وفرغ مما تنبيء فأتى إلى الخضيرة).
والآية السادسة من الباب الحادي عشر من سفر صموئيل الأول هكذا: (فاستقام روح اللّه على شاوول حين سمع هذا  القول، واحتمى غضبه جداً).
يعلم من هذه العبارات أن شاوول كان مستفيضاً بروح القدس، وكان يخبر عن الحالات المستقبلة.
وفي الباب السادس عشر من السفر المذكور: (وابتعد روح اللّه من شاوول وصار روح ردي يعذبه بأمر الرب).
ويعلم منه أن هذا النبي سقط عن درجة النبوة فابتعد عنه روح اللّه، وتسلط عليه روح الشيطان.
وفي الباب التاسع عشر من السفر المذكور هكذا: 23 (فانطلق شاوول إلى نويت التي في الرامة، وحلت عليه أيضاً روح الرب، فجعل يسير ويتنبأ حتى انتهى الأمر إلى نويت في الرامة) 24 (وخلع هو ثيابه وتنبا هو أيضاً أمام صموئيل، وسقط عريان نهاره ذلك كله وليلته تلك كلها، فصار مثلاً هل شاوول في الأنبياء).
فحصل لهذا النبي الساقط عن درجة النبوة هذه الدرجة العليا مرة أخرى، ونزل عليه روح القدس نزولاً قوياً، بحيث رمى ثيابه وصار عرياناً، وكان على هذه الحالة يوماً بليلته، فهذا النبي الجامع بين الروح الشيطاني والرحماني، كان مجمع العجاب، فمن شاء فلينظر حال ظلمه وعتوه في السفر المذكور.
[30] يهوذا الأسخريوطي كان أحد الحواريين، وكان مستفيضاً بروح القدس، وممتلئاً عنة، صاحب الكرامات، كما هو مصرح به في الباب العاشر من إنجيل متى، وهذا النبي باع دينه بدنياه، وسلم عيسى عليه السلام بأيدي اليهود بطمع ثلاثين درهماً، ثم خنق نفسه ومات، كما هو مصرح به في الباب السابع والعشرين من إنجيل متى، وشهد يوحنا في حقه في الباب الثاني عشر من إنجيله  أنه كان سارقاً، وكان الكيس عنده، وكان يحمل ما يلقى فيه. أيكون النبي مثل هذا السارق البائع دينه بدنياه.
[31] فر الحواريون الذين هم في زعمهم أفضل من موسى وسائر الأنبياء الإسرائيلية عليهم السلام، في الليلة التي أخذ اليهود فيها عيسى عليه السلام وتركوه في أيدي الأعداء، وهذا ذنب عظيم، وإن قيل أن هذا الأمر إن صدر عنهم لجبنهم، والجبن أمر طبعي. أقول: لو سلم هذا فلاعذر لهم في شيء آخر، هو كان أسهل الأشياء، وهو أن عيسى عليه السلام كان في غاية الاضطراب في هذه الليلة، وقال لهم إن نفسي حزينة جداً، امكثوا ههنا واسهروا معي، ثم تقدم قليلاً للصلاة، ثم جاء إليهم فوجدهم نياماً، فقال لبطرس أهكذا ما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة، اسهروا وصلوا. فمضى مرة ثانية للصلاة ثم جاء فوجدهم نياماً فتركهم ومضى ثم جاء إلى تلاميذه وقال لهم ناموا واستريحوا. كما هو مصرح به في الباب السادس والعشرين من إنجيل متى. ولو كان لهم محبة ما لما فعلوا هذا الأمر، ألا ترى أن العصاة من أهل الدنيا إذا كان مقتداهم أو قريب من أقاربهم في غاية الاضطراب، أو المرض الشديد في ليلة، لا ينامون في تلك الليلة ولو كانوا أفسق الناس.
[32] أن بطرس الحواري الذي هو رئيس الحواريين، وخليفة عيسى عليه السلام على ادعاء فرقة كاتلك، وإن كان متساوي الأقدام في الأمر المتقدم مع الحواريين الباقين، لكنه حصل له الفضل بأن اليهود لما أخذوا عيسى عليه السلام، تبعه من بعيد إلى دار رئيس الكهنة، فجلس خارج الدار فجاءت جارية قائلة: وأنت كنت مع يسوع الجليلي. فأنكر قدام الجميع، ثم رأى أخرى وقالت للذين هناك، هذا كان مع يسوع الناصري. فأنكر أيضاً يقسم إني لست أعرف هذا الرجل، وبعد قليل جاء القيام وقالوا لبطرس حقاً أنت أيضاً منهم، فابتدأ حينئذ يلعن ويحلف: إني لا أعرف هذا الرجل. وللوقت صاح الديك، فتذكر بطرس كلام عيسى عليه السلام، إنك قبل أن يصيح الديك تنكرني ثلاث مرات كما هو مصرح به في الباب السادس والعشرين من إنجيل متى. وقد قال المسيح عليه السلام له: اذهب عني يا شيطان أنت معثرة لي لأنك لا تهتم بما للّه، لكن تهتم بما للناس، كما هو مصرح به في الباب السادس عشر من إنجيل متى. وكتب مقدسهم بولس في الباب الثاني من رسالته إلى أهل غلاطية هكذا: 11 (ولكن لما أتى بطرس إلى أنطاكية، قاومته مواجهة لأنه كان ملوماً) 12 (لأنه قبل ما أتى قوم من عند يعقوب كان يأكل مع الأمم، ولكن لما أتوا كان يؤخر ويفرز نفسه خائفاً من الذين هم من أهل الختان) 13 (ورأى معه باقي اليهود أيضاً حتى أن برنابا أيضاً انقاد إلى ريائهم) 14 (لكن لما رأيت أنهم لا يسلكون باستقامة حسب حق الإنجيل، قلت لبطرس قدام الجميع إن كنت وأنت يهودي تعيش أممياً، فلماذا تلزم الأمم أن يتهودوا). وكان بطرس يتقدم على الحواريين في القول، لكنه في بعض الأوقات لا يدري ما يقول كما صرح به في الآية الثالثة والثلاثين من الباب التاسع من إنجيل لوقا، وفي الرسالة الثانية من كتاب الثلاث عشرة رسالة المطبوعة سنة 1849 في بيروت في الصفحة 60: (أن أحد الآباء يقول إنه كان به شديداً داء التجبر والمخالفة). يوحنا فم الذهب مقاله 82 و 83 في متى ثم في الصفحة 61: (يقول فم الذهب أنه كان ضعيفاً متخلخل العقل، والقديس اغوستينوس يقول عن بطرس: أنه كان غير ثابت لأنه كان يؤمن أحياناً ويشك أحياناً، وتارة يعرف أن المسيح غير مائت، وتارة يخاف أن يموت، وكان المسيح يقول له مرة طوبى لك، وأخرى يقول له يا شيطان) انتهى بلفظه.
فهذا الحواري عندهم أفضل من موسى وسائر الأنبياء الإسرائيلية، فإذا كان حال الأفضل من موسى كما علمت. فماذا يعتقد في حق المفضولين.
 [33] كان رئيس الكهنة قيافا نبياً بشهادة يوحنا في الآية الحادية والخمسين من الباب الحادي عشر من إنجيل يوحنا، قوله في حق قيافا في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1841 وسنة 1844 هكذا: (ولم يقل هذا من نفسه، لكن من أجل أنه كان عظيم الكهنة في تلك السنة، فتنبأ أن يسوع كان مزمعاً أن يموت بدل الأمة). فقوله تنبأ يدل على نبوته، وهذا النبي أفتى بقتل عيسى عليه السلام، وكفره وأهانه، فلو كانت هذه الأمور بالنبوة والإلهام، فعيسى عليه السلام واجب الرد والعياذ باللّه. وإن كانت بإغواء الشيطان، فأي ذنب أكبر من هذه. وأكتفي على هذا القدر وأقول أن الذنوب المذكورة وأمثالها، مصرح بها في كتب العهدين، ولم تقدح هذه الذنوب في نبوة أنبيائهم، أفلا يستحيون أن يعترضوا على (محمد) صلى اللّه عليه وسلم في أمور خفيفة.
وإذا عرفت هذا فالآن أشرع في نقل مطاعنهم والجواب عنها وأقول:
(المطعن الأول) مطعن الجهاد، وهو من أعظم المطاعن في زعمهم، ويقررونه في رسائلهم بتقريرات عجيبة مموهة، منشؤها العناد الصرف، وأنا أمهد قبل تحرير الجواب أموراً خمسة:
(الأمر الأول) أن اللّه يبغض الكفر ويجازي عليه في الآخرة يقيناً، وكذا يبغض العصيان وقد يعاقب الكفار والعصاة في الدنيا أيضاً، فيعاقب الكفار تارة بالإغراق عموماً في عهد نوح عليه السلام، فإنه أهلك كل ذي حياة غير أهل السفينة بالطوفان، وتارة بالإغراق خصوصاً، كما في عهد موسى عليه السلام حيث أغرق فرعون وجنوده، وتارة بالإهلاك مفاجأة، كما أهلك أكبر الأولاد لكل إنسان وبهيمة من أهل مصر في ليلة خرج بنو إسرائيل فيها من مصر، كما هو مصرح به في الباب الثاني عشر من سفر الخروج، وتارة بإمطار الكبريت والنار من السماء، وقلب المدن، كما في عهد لوط عليه السلام، فإنه أهلك سادوم وعمورة ونواحيهما بإمطار الكبريت والنار وقلب المدن، وتارة بإهلاكهم بالأمراض، كما أهلك الأسدوديين بالبواسير، كما هو مصرح به في الباب الخامس من سفر صموئيل الأول، وتارة بإرسال الملك لإهلاكهم، كما فعل بعسكر الآثوريين، حيث أرسل ملكاً، فقتل منهم في ليلة واحدة مائة وخمسة وثمانين ألفاً، كما هو مصرح به في الباب التاسع عشر من سفر الملوك الثاني، وتارة بجهاد الأنبياء ومتبعيهم، كما ستعرف في الأمر الثاني، وكذا يعاقب العصاة أيضاً تارة بالخسف والنار، كما أهلك قورح وداثان وأبيرم وغيرهم لما خالفوا موسى عليه السلام، فانفلقت الأرض وابتلعت قورح وداثان وأبيرم ونسائهم وأولادهم وأثقالهم، ثم خرجت نار فأكلت مائتين وخمسين رجلاً كما هو مصرح به في الباب السادس عشر من سفر العدد. وتارة بالإهلاك مفاجأة كما أهلك أربعة عشر ألفاً وسبعمائة لما خالف بنو إسرائيل في غد هلاك قورح وغيره، ولو لم يقم هارون عليه السلام بين الموتى والأحياء، ولم يستغفر للقوم، لهلك الكل بغضب الرب في هذا اليوم، كما هو مصرح به في الباب المذكور. وكما أهلك خمسين ألفاً وسبعين رجلاً من أهل بيت الشمس على أنهم رأوا تابوت اللّه، كما هو مصرح به في الباب السادس من سفر صموئيل الأول. وتارة بإرسال الحيات المؤذية، كما أن بني إسرائيل لما خالفوا موسى عليه السلام مرة أخرى، أرسل اللّه عليهم الحيات المؤذية، فجعلت تلدغهم، فمات كثير منهم كما هو مصرح به في الباب الرابع والعشرين من سفر العدد. وتارة بإرسال الملك كما أهلك سبعين ألفاً في يوم واحد، على أن داود عليه السلام عد بني إسرائيل، كما هو مصرح به في الباب الرابع والعشرين من سفر صموئيل الثاني. وقد لا يعاقب الكفار والعصاة في الدنيا. ألا ترى أن الحواريين على زعم المسيحيين كانوا  أفضل من موسى وسائر الأنبياء الإسرائيلية، ومن تابوت اللّه. وأن قاتليهم عند المسيحيين أسوأ من كفار عهد نوح ولوط وموسى عليهم السلام. وقتل نيرو الظالم المشرك، الذي كان ملك ملوك الروم، بطرس الحواري وزوجته وبولس وكثيراً من المسيحيين بأشد أنواع القتل. وكذا أكثر الكفار الحواريين وتابعيهم. وما أهلكهم اللّه بالإغراق ولا بإمطار الكبريت والنار وقلب المدن، ولا بقتل أكبر أولادهم، ولا بابتلائهم بالأمراض ولا بإرسال الملك، ولا بإرسال الحيات، ولا بوجه آخر.
(الأمر الثاني) أن الأنبياء السابقين أيضاً قتلوا الكفار وسبوا نسائهم وذراريهم، ونهبوا أموالهم. ولا تختص هذه الأمور بشريعة محمد صلى اللّه عليه وسلم. كما لا يخفى على من طالع كتب العهدين. وله شواهد كثيرة أكتفي على إيراد بعضها.‏
1- في الباب العشرين من كتاب الاستثناء هكذا: 10 (وإذا دنوت من قرية لتقاتلها ادعهم أولاً إلى الصلح) 11 (فإذا قبلت وفتحت لك الأبواب فكل الشعب الذي بها يخلص ويكونون لك عبيداً يعطونك الجزية) 12 (وإن لم ترد تعمل معك عهداً وتبتدئ بالقتال معك فقاتلها أنت) 13 (وإذا سلمها الرب إلهك بيدك اقتل جميع من بها من جنس الذكر بفم السيف) 14 (دون النساء والأطفال والدواب وما كان في القرية غيرهم، واقسم للعسكر الغنيمة بأسرها وكل من سلب أعدائك الذي يعطيك الرب إلهك) 15 (وهكذا فافعل بكل القرى البعيدة منك جداً وليست من هذه القرى التي ستأخذها ميراثاً) 16 (فأما القرى التي تعطى أنت إياها فلا تستحي منها نفساً البتة) 17 (ولكن أهلكهم إهلاكاً كلهم بحد السيف الحيثي والأموري والكنعاني والفرزي والحوايي واليابوسي كما أوصاك الرب إلهك). فظهر من هذه العبارة أن اللّه أمر في حق  القبائل الست، أعني الحيثانيين والأموريين والكنعانيين والفرزيين والحوايين واليابوسيين، أن يقتل بحد السيف كل ذي حياة منهم ذكورهم وإناثهم وأطفالهم. وأمر فيما عداهم، أن يدعوا أولاً إلى الصلح، فإن رضوا به وقبلوا الإطاعة وأداء الجزية فيها، وإن لم يرضوا يحاربوا، فإذا حصل الظفر عليهم، يقتل كل ذكر منهم بالسيف ويسبي نساؤهم وأطفالهم، وينهب دوابهم وأموالهم، وتقسم على المجاهدين، وهكذا يفعل بكل القرى التي هي بعيدة من قرى الأمم الست. وهذه العبارة الواحدة تكفي من جوابهم عن تقريراتهم الواهية، وقد نقلها العلماء الإسلامية سلفاً وخلفاً في مقابلتهم لكنهم يسكتون عنها كأنهم لم يروها في كلام المخالف، ولا يجيبونه عنها لا بالتسليم ولا بالتأويل.‏
2- في الباب الثالث والعشرين من سفر الخروج هكذا: 23 (وينطلق ملاكي أمامك فيدخلونك على الأموريين والحيثانيين والفرزانيين والكنعانيين والحوايين واليابوسانيين الذين أنا أخرجهم) 24 (لا تسجدن لآلهتهم ولا تعبدها، ولا تعمل كأعمالهم، ولكن خربهم تخريباُ واكسر أوثانهم).‏
3- في الباب الرابع والثلاثين من سفر الخروج في حق الأمم الست هكذا: 12 (فاحذر أن تعاهد البتة سكان تلك الأرض الذين تأتيهم لئلا يكونوا لك عثرة) 13 (ولكن اهدم مذابهحم وكسر أصنامهم واقطع أنساكهم).‏
4- في الباب الثالث والثلاثين من سفر العدد: 51 (مر بني إسرائيل وقل لهم إذا عبرتم الأردن وأنتم داخلون أرض كنعان) 25 (فأبيدوا كل سكان تلك الأرض واسحقوا مساجدهم واكسروا أصنامهم المنحوتة جميعها واعقروا مذابحها كلها) 55 (ثم أنتم إن لم تبيدوا سكان الأرض فالذين يبقون منهم يكونون لكم كأوتاد في أعينكم ورماح في أجنابكم ويشقون عليكم في الأرض التي تسكنونها) 56 (وما كنت عزمت أني أفعل بهم سأفعله بكم).
5 - في الباب السابع من سفر الاستثناء هكذا: 1 (إذا أدخلك الرب إلهك الأرض التي تدخل لترثها، وتبيد الشعوب الكثيرة من قدامك الحيثي والجرحيثاني والأموراني والكنعاني والفرزاني والحوايي واليوساني، سبعة أمم أكثر منكم عدداً وأشد منكم) 2 (وسلمهم الرب إلهك بيدك فاضربهم حتى إنك لا تبقي منهم بقية، فلا تواثقهم ميثاقاً ولا ترحمهم) 5 (ولكن فافعلوا بهم هكذا خربوا مذابحهم وكسروا أصنامهم وقطعوا مناسكهم وأوقدوا أوثانهم). فعلم من هذه العبارات أن اللّه أمر بإهلاك كل ذي حياة من الأمم السبع وعدم الرحمة عليهم، وعدم المعاهدة معهم وتخريب مذابحهم، وكسر أصنامهم، وإحراق أوثانهم، وقطع مناسكهم، وشدد في إهلاكهم تشديداً بليغاً، وقال: إن لم تهلكوهم أفعل بكم ما كنت عزمت أن أفعله بهم. ووقع في حق هذه الأمم السبعة (أنهم أكثر منكم عدداً وأشد منكم). وقد ثبت في الباب الأول من سفر العدد أن عدد بني إسرائيل الذين كانوا صالحين لمباشرة الحروب، وكانوا أبناء عشرين سنة وما فوقها، كان ستمائة ألف وثلاثة آلاف وخمسمائة وخمسين رجلاً، وأن اللاويين مطلقاً ذكوراً أو إناثاً، وكذا إناث سائر الأسباط الإحدى عشر مطلقاً، وكذا ذكورهم الذين لم يبلغوا عشرين سنة خارجون عن هذا العدد، ولو أخذنا عدد جميع بني إسرايل، وضممنا المتروكين والمتروكات كلهم بالمعدودين، لا يكون الكل أقل من ألفي ألف وخمسمائة ألف، أعني مليونين ونصف مليون، وهذه الأمم السبعة إذا كانت أكثر منهم عدداً وأشد منهم، فلا بد أن يكون عدد هذه الأمم، أكثر من عددهم. وألف القسيس دقتركيث كتاباً باللسان الإنكليزي، في بيان صدق الإخبارات عن الحوادث المستقبلة المندرجة في كتبهم المقدسة، وترجمه القسيس مريك باللسان الفارسي وسماه كشف الآثار في قصص أنبياء بني إسرائيل. وهذه الترجمة طبعت في أدن برغ سنة 1846  من الميلاد وسنة 1262 من الهجرة. ففي الصفحة 26 من هذه الترجمة: (علم من الكتب القديمة أن البلاد اليهودية كان فيها قبل خمسمائة وخمسين سنة من الهجرة ثمانية كرورات) أي ثمانون مليوناً (من ذي حياة) انتهى. فالغالب أن هذه البلاد في عهد موسى عليه السلام، كانت معمورة مثلها أو أزيد منها، فأمر اللّه بقتل ثمانين مليونات أو أكثر منها من ذي حياة.‏
6- في الآية العشرين من الباب الثاني والعشرين من سفر الخروج هكذا: (من يذبح للأوثان فليقتل).‏
7- من طالع الباب الثالث عشر من سفر الاستثناء، علم أن الداعي إلى عبادة غير اللّه، ولو كان نبياً صاحب معجزات، واجب القتل، وكذا الداعي إلى عبادة الأوثان واجب الرجم، وإن كان من الأقارب أو من الأصدقاء. وإن عبدها أهل القرية، يقتل هؤلاء كلهم ودوابهم بحد السلاح وتحرق القرية ومتاعها وأموالها بالنار وتجعل تلاً، ثم لا تبنى.‏
8- في الباب السابع عشر من سفر الاستثناء هكذا: 2 (إذا وجد عندك جوأة أحد أبوابك التي يعطيك الرب إلهك رجل أو امرأة، تعمل سيئة قدام الرب إلهك ويعدوا ميثاقه) 3 (ليذهبوا ويعبدوا آلهة أخرى ويسجدوا لها ويسجدوا للشمس والقمر، ولكل أجناد السماء ما لم آمر به أنا) 4 (وأنت أخبرت بذلك وسمعت ذلك، وفحصت عنه بحرص فوجدت أن ذلك حق، وأنها قد صنعت رجاسة فاخرج الرجل الذي فعل الفعل السيء أو الامرأة إلى أبواب قريتك وارجموه بالحجارة).‏
9- في الباب الثالث من سفر الخروج هكذا: 21 (وأعطى نعمة لهذا الشعب قدام المصريين وإذا ما أردتم الخروج، فلا تخرجوا فارغين) 22 (بل تسأل الامرأة  مِنْ جارتها، ومِن التي هي ساكنة دارها، أواني فضة، وذهب، وثياباً وتضعونها على بنيكم، وبناتكم، وتسلبون مصر). ثم في الباب الحادي عشر من السفر المذكور قول اللّه لموسى عليه السلام هكذا: 1 (فتحدث في مسمع الشعب أن يسأل الرجل صاحبه، والمرأة من صاحبتها أواني فضة، وأواني ذهب) 3 (والرب يعطي لشعبه نعمة قدام المصريين). ثم في الباب الثاني عشر من السفر المذكور هكذا: 35 (وفعل بنو إسرائيل كما أمر موسى، واستعاروا من المصريين أواني فضة، وذهب، وشيئاَ كثيراً من الكسوة) 36 (فأما الرب أوهب نعمة لشعبه أمام المصرين أن يعيروهم واستلبوا المصريين). فإذا كان عدد بني إسرائيل كما علمت، واستعار رجالهم ونساؤهم من المصريين، يكون ما استعاروه مالاً غير محصور، كما وعد اللّه أولاً بأنكم تسلبون مصر، ثم أخبر ثانياً واستلبوا المصريين لكنه أجاز لهم السلب بحيلة الاستعارة، التي هي في الظاهر خديعة وغدر.‏
10- في الباب الثاني والثلاثين من سفر الخروج في حال عبادة العجل هكذا: 25 (فنظر موسى عليه السلام الشعب أنه قد صار عرياناً إنما عراه هارون لعار النجاسة، وجعله عرياناً بين الأعداء) 26 (فوقف في باب المحلة، وقال من كان من حزب الرب فليقبل إلي فاجتمع إليه جميع بني لاوى) 27 (وقال لهم هذا ما يقول الرب إله إسرائيل ليتقلد كل رجل منكم سيفه فجوزوا في وسط المحلة من باب إلى باب، وارتدوا وليقتل الرجل منكم أخاه، وصاحبه، وقريبه) 28 (فصنع بنو لاوى كما أمرهم موسى عليه السلام فقتلوا في ذلك اليوم من الشعب نحو ثلاثة وعشرين ألف رجل). فقتل موسى عليه السلام على عبادة العجل ثلاثة وعشرين ألفاً. واعلم أنه وقع في الترجمة العربية سنة 1831، وسنة 1844، وسنة 1848 التي نقلت عنها هذه العبارة لفظ ثلاثة وعشرين ألف رجل.‏
11- في الباب الخامس والعشرين من سفر العدد، أن بني إسرائيل لما زنوا ببنات الموات، وسجدوا لآلهتهن، أمر الرب بقتلهم، فقتل موسى أربعة وعشرين ألفاً منهم.‏
12- من طالع الباب الحادي والثلاثين من سفر العدد، ظهر له أن موسى عليه السلام لما أرسل اثني عشر ألف رجل مع فنيحاس بن العازار لمحاربة أهل مديان، فحاربوا وانتصروا عليهم، وقتلوا كل ذكر منهم، وخمسة ملوكهم وبلعام، وسبوا نسائهم، وأولادهم، ومواشيهم كلها، وأحرقوا القرى والدساكر والمدائن بالنار، فلما رجعوا غضب عليهم موسى عليه السلام، وقال: لِمَ استحييتم النساء، ثم أمر بقتل كل طفل مذكر، وكل امرأة ثيبة، وإبقاء الأبكار، ففعلوا كما أمر، وكانت الغنيمة من الغنم ستمائة وخمسة وسبعين ألفاً، ومن البقر اثنين وسبعين ألفاً، ومن الحمير أحداً وستين ألفاً، ومن الأبكار اثنتين وثلاثين ألفاً، وكان لكل مجاهد ما نهب من غير الدواب، والإنسان، وما بين مقداره في هذا الباب غير أن رؤساء الألوف والمئين، أعطوا الذهب لموسى والعازار ستة عشر ألفاً وسبعمائة وخمسين مثقالاً. وإذا كان عدد النساء الأبكار اثنتين وثلاثين ألفاً، فكم يكون مقدار المقتولين من الذكور مطلقاً، شيوخاً كانوا أو شباناً أو صبياناً، ومن النساء الثيبات.‏
13- عمل يوشع عليه السلام بعد موت موسى عليه السلام على الأحكام المندرجة في التوراة، فقتل المليونات الكثيرة، ومن شاء فليطالع هذا في كتابه من الباب الأول إلى الباب الحادي عشر، وقد صرح في الباب الثاني عشر من كتابه، أنه قتل إحدى وثلاثين سلطاناً من سلاطين الكفار، وتسلط بنو إسرائيل على مملكتهم.‏
14-  في الباب الخامس عشر من سفر القضاة في حال شمشون هكذا: (ووجد فكاً أعني خد حمار، فمد يده وأخذه، وقتل به ألف رجل).
15 - في الباب السابع والعشرين من سفر صموئيل الأول: 8 (وصعد داود ورجاله، وكانوا ينهبون أهل جاسور وجرز وعمالق، لأن هؤلاء كانوا سكان الأرض من الدهر من حد سوراً حتى حد مصر) 9 (وكان يخرب داود كل الأرض، ولم يكن يبقى منهم رجلاً، ولا امرأة، ويأخذ الغنم، والبقر، والحمير، والجمال، والأمتعة، وكان يرجع ويأتي إلى أخيس). انظروا إلى فعل داود عليه السلام أنه كان يخرب الأرض، وما كان يبقي رجلاً، ولا امرأة من أهل جاسور، وجرز، وعمالق، وينهب دوابهم وأمتعتهم.‏
16- في الباب الثامن من سفر صموئيل الثاني: 2 (وضرب الموابيين ومسحهم بالحبال وأضجعهم على الأرض، ومسح حبلين للقتل وكمل حبلاً واحداً للاستحياء، وكان الموابيون عبيداً لداود يؤدون إليه الخراج) 3 (وضرب داود أيضاً هدر عازار بن راحوب ملك صوبا) الخ 5 (فأتت أرام دمشق ليعينوا هدر عازار ملك صوبا، وضرب داود من أرام اثنين وعشرين ألف رجل). فانظروا إلى فعل داود عليه السلام بالموابيين، وهدر عازار، وجيشه وجيش أرام.‏
17- الآية الثامنة عشر من الباب العاشر من سفر صموئيل الثاني هكذا: (وهرب السريانيون من بين يدي إسرائيل، وقتل داود من السريانيين سبعمائة مركب، وأربعين ألف فارس، وسوباك رئيس الجيش ضربه فمات في ذلك المكان).‏
18- وفي الباب الثاني عشر من سفر صموئيل الثاني هكذا: 29 (فجمع داود جميع الشعب، وسار إلى راية فحارب أهلها، وفتحها) 30 (وأخذ تاج ملكهم عن رأسه وكان وزنه قنطاراً من الذهب، وكان فيه جواهر مرتفعة ووضعوه على داود، وغنيمة القرية أخرجها كثيرة جداً) 31 (والشعب الذي كانوا فيها أخذهم ونشرهم بالمناشير وداسهم بموارج حديد، وقطعهم بالسكاكين وأجازهم بقمين الأجاجر، كذلك صنع بجميع قرى بني عمون، ورجع داود وجميع الشعب إلى أورشليم). ونقلت هذه العبارة لفظاً لفظاً، عن الترجمة العربية المطبوعة سنة 1831، وسنة 1844. فانظروا كيف قتل داود عليه السلام بني عمون قتلاً شنيعاً، وأهلك جميع القرى بمثل هذا العذاب العظيم الذي لا يتصور فوقه.‏
19- في الباب الثامن عشر من سفر الملوك الأول: أن إيليا عليه السلام ذبح أربعمائة وخمسين رجلاً من الذين يدعون أنهم أنبياء بعل.‏
20-  لما فتح أربعة ملوك سادوم، وعامورة، ونهبوا جميع أموال أهاليهما، وأسروا لوطاً عليه السلام، ونهبوا ماله أيضاً. ووصل هذا الخبر إلى إبراهيم عليه السلام، خرج إبراهيم عليه السلام ليخلص لوطاً عليه السلام. ففي بيان هذا الحال في الباب الرابع عشر من سفر التكوين هكذا: 14 (فلما سمع إبرام أن لوطاً ابن أخيه سبي فأحصى غلمانه أولاد بيته ثلثمائة وثمانية عشر، وانطلق في أثرهم حتى أتى دان) 15 (وفرق أرفاقه، ونزل عليهم ليلاً، وضربهم، وطردهم إلى حوبا التي هي من شمال دمشق) 16 (واسترد المقتنى كله، ولوطاً ابن أخيه وماله، والنسوة أيضاً، والشعب) 17 (وخرج ملك سادوم للقائه بعد ما رجع من قتل كدرلغمور، والملوك الذين معه في وداي شوا الذي هو وادي الملك).‏
21- في الباب الحادي عشر من الرسالة العبرانية هكذا: 32 (وماذا أقول أيضاً لأنه يعوزني الوقت أن أخبرت عن جدعون، وباراق، وشمسون ويفتاح، وداود، وصموئيل، والأنبياء) 33 (الذين بالإيمان قهروا ممالك صنعوا براً نالوا مواعيد سدوا أفواه أسود) 34 (أطفؤا قوة النار نجوا من حد السيف تقووا من ضعف صاروا أشداء في الحرب، هزموا جيوش غرباء). فظهر من كلام مقدسهم بولس، أن قهر هؤلاء الأنبياء ممالك، وإطفائهم النار ونجاتهم من حد السيف، وهزمهم جيوش الكفار، كان من جنس البر، لا من جنس الإثم. وكان منشؤها قوة الإيمان، ونيل مواعد الرحمن، لا قساوة القلب والظلم. وإن كان أفعال بعضهم في صورة أشد أنواع الظلم، سيما في قتل الصغار الذين ما كانوا متدنسين بدنس الذنوب، وقد عد داود عليه السلام جهاداته من الحسنات حيث قال في الزبور الثامن عشر: 20 (ويجازيني الرب مثل بري ومثل طهارة يدي يكافئني) 21 (لأني حفظت طرق الرب، ولم أكفر بإلهي) 22 (لأن جميع أحكامه قدامي، وعدله لم أبعده عني) 23 (وأكون طهارة يدي قدام عينيه). وقد شهد اللّه أن جهاداته وسائر أفعاله الحسنة كانت مقبولة عند اللّه في الآية الثامنة من الباب الرابع عشر من سفر الملوك. الأول قول اللّه هكذا: (داود عبدي الذي حفظ وصاياي، وتبعني من كل قلبه وعمل بما حسن أمامي). فما قال صاحب ميزان الحق وغيره من علماء بروتستنت، أن جهادات داود عليه السلام كانت لأجل سلطنته ومملكته، فمنشؤه قلة الديانة، لأن قتل النساء والأطفال وكذا جميع أهل بعض البلاد ما كان ضرورياً لأجل هذا المصلحة، على أنا نقول أنا لو فرضنا أن هذا القتل كان لأجل السلطنة، لكنه لا يخلو إما أن يكون مرضياً للّه وحلالاً له، أو يكون مبغوضاً عند اللّه ومحرماً عليه، فإن كان الأول ثبت مطلوبنا، وإن كان الثاني لزم كذب قوله وقول مقدسهم، وكذب شهادة اللّه في حقه، ولزوم أن يكون دماء ألوف من المعصومين، وغير واجبي القتل في ذمته. ودم البريء الواحد يكفي للهلاك، فكيف تحصل له النجاة الأخروية. في الباب الثالث من الرسالة الأولى ليوحنا: (وأنتم تعلمون أن كل قاتل نفس ليس له حياة أبدية ثابتة فيه). وفي الباب الحادي والعشرين من المشاهدات: (وأما الجبانون والكفار والمرذولون والقتلة والزناة والسحرة وعبدة الأوثان، وكل الكذابين يكون نصيبهم في البحيرة الموقدة بالنار والكبريت). هذا هو الأمر  الثاني والعياذ باللّه، وحذراً من التطويل أكتفي على هذا القدر.
(الأمر الثالث) لا يشترط أن تكون الأحكام العملية الموجودة في الشريعة السابقة، باقية في الشريعة اللاحقة بعينيها، بل لا يشترط أن تكون هذه الأحكام العملية في شريعة واحدة من أولها إلى آخرها، بل يجوز أن تختلف هذه الأحكام بحسب اختلاف المصالح والأزمنة والمكلفين، وقد عرفت هذه الأمور في الباب الثالث بما لا مزيد عليه، فكان الجهاد مشروعاً في الشريعة الموسوية على طريق هو أشنع أنواع الظلم عند منكري النبوة، ولم تبق مشروعيته في الشريعة العيسوية، وما كان بنو إسرائيل مأمورين بالجهاد قبل خروجهم عن مصر، وصاروا مأمورين به بعد خروجهم، وعيسى عليه السلام يقتل الدجال وعسكره بعد نزوله. كما هو مصرح به في الباب الثاني من الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيقي، والباب التاسع عشر من المشاهدات. وكذا لا يشترط أن تكون معاملة تنبيه الكفار والعصاة على طريقة واحدة كما علمت في الأمر الأول، فلا يجوز لمن يعتقد النبوة والوحي أن يعترض في مثل هذه الأمور على شريعته، فلا يجوز له أن يقول أن إهلاك كل ذي حياة غير أهل السفينة في طوفان نوح عليه السلام، وإهلاك أهل سادوم وعامورة ونواحيهما في عهد لوط عليه السلام، وإهلاك كل ولد أكبر من أولاد الإنسان والبهيمة من أهل مصر، ليلة خروج بني إسرائيل عنها في عهد موسى عليه السلام، كان ظلماً سيما إهلاك ألوف في حادثة الطوفان، وإهلاك ألوف في الحادثتين الأخيرتين من أولاد الإنسان الصغار، وأولاد البهيمة التي هي ما كانت مدنسة بذنب من الذنوب. وكذا لا يجوز أن يقول أن قتل الأمم السبعة كلها بحيث لا تبقى منهم بقية ما سيما قتل أولادهم الصغار الذين ما كانوا اقترفوا ذنباً ظلم، أو أن يقول أن قتل الرجال وسبي الذراري ونهب الأموال من غير الأمم السبعة، أو أن قتل ذكور المديانيين كلهم حتى الطفل الرضيع، وكذا قتل نسائهم  الثيبات كلها وإبقاء الأبكار لأجل أنفسهم، ونهب الأموال والدواب ظلم، أو أن يقول أن جهادات داود عليه السلام، وجهادات سائر الأنبياء الإسرائيلية عليهم السلام، أو أن ذبح إيليا عليه السلام أربعمائة وخمسين رجلاً من أنبياء بعل، أو أن قتل عيسى عليه السلام بعد نزوله الدجال وعسكره ظلم، لا يجوز العقل أن يفعل اللّه أو يأمر أحداً بأمثال هذا الظلم، وكذا لا يجوز أن يقول أن قتل الذابح للأوثان، وكذا قتل من يرغب إلى عبادة غير اللّه، وكذا قتل أهل القرية كلها إذا ثبت منهم الترغيب، وكذا قتل موسى عليه السلام ثلاثة وعشرين ألفاً من عبدة العجل، وكذا قتل موسى عليه السلام أربعة وعشرين ألفاً من الذين زنوا ببنات مواب وسجدوا لآلهتهن ظلم شنيع، وفي هذه الأحكام إجبار بأن يثبت الإنسان على الشريعة الموسوية لأجل خوف القتل والرجم، وظاهر أن الإيمان القلبي لا يمكن أن يحصل بالإجبار بل يستحيل أن يحصل للإنسان محبة اللّه أيضاً بالإجبار. فأمثال هذه الأحكام لا تكون من جانب اللّه، نعم من لا يكون معتقداً بالنبوة والشرائع، ويكون ملحداً وزنديقاً وينكر أمثال هذه الأمور لم تستبعد منه، لكنا لا كلام لنا معه في هذا الكتاب، بل كلامنا فيه مع المسيحيين عموماً وعلماء بروتستنت خصوصاً.
(الأمر الرابع) أن علماء بروتستنت يدعون كذباً أن دين الإسلام شاع بالسيف، وهذا الادعاء غير صحيح كما علمت في الأمر السابع من مقدمة الكتاب، وأفعالهم غير أقوالهم، فإنهم وكذا أسلافهم من أهل التثليث إذا تسلطوا تسلطاً تاماً، اجتهدوا في إمحاء المخالفين، وأنا أنقل بعض الحالات من كتبهم ورسائلهم فأنقل حالهم بالنسبة إلى اليهود من كتاب كشف الآثار في قصص أنبياء بني إسرائيل الذي عرفته في بيان الأمر الثاني فأقول:
قال صاحبه في الصفحة 27: (القسطنطين الأعظم الذي كان قبل الهجرة بثلثمائة سنة تقريباً أمر بقطع آذان اليهود وإجلائهم إلى أقاليم مختلفة، ثم أمر ملك الملوك الرومي في القرن الخامس من القرون المسيحية، بإخراجهم من البلدة السكندرية التي كانت مأمنهم من مدة، وكانوا يجيئون إليها من كل جانب، فيستريحون فيها. وأمر بهدم كنائسهم ومنع عبادتهم، وعدم قبول شهادتهم وعدم نفاذ الوصية أن أوصى أحد منهم لأحد في ماله، ولما ظهر منهم بغاوة ما لأجل هذه الأحكام نهب جميع أموالهم وقتل كثيراً منهم، وسفك الدماء بظلم ارتعد به جميع يهود هذا الإقليم.
ثم قال في الصفحة 28: (أن يهود البلد انطيوح لما أسروا بعد ما صاروا مغلوبين، قطع أعضاء البعض، وقتل البعض، وأجلى الباقين منهم كلهم، وظلم ملك الملوك في جميع مملكته هؤلاء المشاركين بأنواع الظلم، ثم أجلاهم من مملكته آخر الأمر. وهيج ولاة الممالك الأخرى على أن يعاملوا اليهود هذه المعاملة، فكان حالهم أنهم تحملوا الظلم من آسيا إلى أقصى حد أوربا، ثم بعد مدة قليلة كلفوا في مملكة اسبنيول لقبول شرط من الشروط الثلاثة: أن يقبلوا الملة المسيحية فإن أبوا عن قبولها يكونون محبوسين، وإن أبوا عن كليهما يجلون من أوطانهم، وصار مثل هذه المعاملة معهم في ديار فرانس. فهؤلاء المساكين كانوا ينتقلون من إقليم إلى إقليم ولا يحصل لهم موضع القرار، ولم يحصل لهم الأمن في آسيا الكبير أيضاً بل قتلوا في كثير من الأوقات كما قتلوا في ممالك الفرنج.
ثم قال في الصفحة 29: (أن أهل ملة كتلك كانوا يظلمونهم باعتقاد أنهم كفار وعظماء هذه الملة عقدوا مجلساً للمشورة، وأجروا عليهم عدة أحكام: (الأول): من حمى يهودياً على ضد مسيحي يكون ذا خطأ، ويخرج عن الملة. (والثاني): أنه لا يعطى يهودي منصباً في دولة من الدول. (والثالث): لو كان مسيحي عبد يهودي فهو حر. (والرابع): لا يأكل أحد مع اليهودي، ولا يعامله. (والخامس): أن ينزع الأولاد منهم وتربى في الملة المسيحية، وهكذا كان أحكام أخر). أقول لا شك أن الحكم الخامس أشد أنواع الإكراه. ثم قال: (كانت عادة أهل البلدة ثولوس من إقليم فرانس أنهم كانوا يلطمون وجوه اليهود في عيد الفصح، وكان رسم البلدة بزيرس أن أهلها من أول يوم الأحد من أيام العيد إلى يوم العيد، كانوا يرمون اليهود بالحجارة، وكان يكثر القتل أيضاً في هذا الرمي، وكان حاكم البلدة المسيحي المذهب يهيج أهلها على هذا الفعل.
ثم قال في الصفحة 30 و 31: (دبر سلاطين فرانس في حق اليهود أمراً، وهو أنهم كانوا يتركون اليهود إلى أن يصيروا متمولين بالكسب والتجارة، ثم يسلبون أموالهم، وبلغ هذا الظلم لأجل الطمع غايته، ثم لما صار فلب أوك سطس سلطاناً في فرانس، أخذ أولاً الخمس من ديون اليهود التي كانت على المسيحيين، وأبرأ من الباقي ذمة المسيحيين، وما أعطى اليهود حبة، ثم أجلى اليهود كلهم من مملكته، ثم جلس على سرير السلطنة سنط لوئيس وهو يطلب اليهود مرتين في مملكته وأجلاهم مرتين، ثم أجلى جرلس السادس اليهود من مملكة فرانس، وقد ثبت من التواريخ، أن اليهود أجلوا من مملكة فرانس سبع مرات، وعدد اليهود الذين أخرجوا من مملكة اسبنيول لو فرض في جانب القلة، لا يكون أقل من ألف وسبعين ألف بيت، وفي مملكة نمسا قتل كثير منهم ونهب كثير منهم ونجا منهم قليل وهم الذين تنصروا، ومات كثير منهم بأن سدوا أولاً أبوابهم، ثم أهلكوا أنفسهم وأولادهم وأزواجهم وأموالهم، إما بالإغراق في البحر أو بالإحراق بالنار، وقتل غير المحصورين منهم في الجهاد المقدس، وكان الإنكليز اتفقوا على أن يظلموا اليهود، فلما حصل اليأس العظيم ليهود البلدة يرك بسبب الظلم، قتل بعضهم بعضاً فقتل ألف وخمسمائة من الرجال والنساء والأطفال، وصاروا أذلاء في هذه المملكة بحيث إذا بغى الأمراء على السلطان قتلوا سبعمائة يهودي ونهبوا أموالهم، لأجل أن يظهروا شوكتهم على الناس، وسلب رجار دوجان وهنري الثالث من سلاطين إنكلترة مراراً، أموال اليهود ظلماً سيما هنري الثالث، فإنه كانت عادته أنه كان ينهب اليهود بكل طريق على وجه الظلم، وعدم الرحم، وكان جعل أغنيائهم الكبار فقراء وظلمهم بحيث رضوا على الجلاء، واستجازوا أن يخرجوا من مملكته، لكنه ما قبل هذا الأمر منهم أيضاً. ولما جلس ادورد الأول على سرير السلطنة، ختم الأمر بأن نهب أموالهم كلها ثم أجلاهم من مملكته، فأجلى أزيد من خمسة عشر ألف يهودي في غاية العسر).
ثم قال في الصفحة 32: (نقل مسافر اسمه سوتي أنه كان حال قوم برتكال قبل خمسين عاماً، أنهم كانوا يأخذون اليهودي ويحرقونه بالنار، ويجتمع رجالهم ونساؤهم يوم إحراقه كاجتماع يوم العيد، وكانوا يفرحون وكانت النساء يصحن وقت إحراقه لأجل الفرح).
ثم قال في الصفحة 33: (أن البابا الذي هو عظيم فرقة كاتلك قرر عدة قوانين شديدة في حق اليهود). انتهى كلام كشف الآثار في قصص أنبياء بني إسرائيل.
وقال صاحب سير المتقدمين: (أن السلطان السادس من قسطنطين الأول، أمر بمشورة أمرائه في سنة 379 أن يتنصر كل من هو في السلطنة الرومية ويقتل من لم يتنصر) انتهى. وأي إكراه أزيد من هذا.
ولطامس نيوتن تفسير على الإخبار عن الحوادث المستقبلة المندرجة في الكتب المقدسة. وطبع هذا التفسير سنة 1803 في البلد لندن. ففي الصفحة 65 من المجلد الثاني في بيان تسلط أهل التثليث على أورشليم هكذا: (فتحوا أورشليم في الخامس عشر من شهور تموز الرومي سنة 1099 بعد ما حاصروا خمس أسبوعات وقتلوا غير المسيحيين، فقتلوا أزيد من سبعين ألفاً من المسلمين وجمعوا اليهود وأحرقوهم ووجدوا في المساجد غنائم عظيمة) انتهى.
وإذا عرفت حال ظلمهم في حق اليهود خصوصاً، وفي حق رعية السلطنة عموماً، وما فعلوا عند تسلطهم على أورشليم، فالآن أذكر نبذاً مما فعل كاتلك بالنسبة إلى غيرهم من المسيحيين، وأنقل هذه الحالات عن كتاب الثلاث عشرة رسالة الذي طبع في بيروت سنة 1849، من الميلاد باللسان العربي فأقول:
قال في الصفحة 15 و 16: (أما الكنيسة الرومانية فقد استعملت مرات كثيرة الاضطهادات والطرد المزعج ضد البروتستانت، أي الشهود أو بالحري الشهداء، وذلك في ممالك أوربا. ويظن أنها أحرقت في النار أقل ما يكون مائتين وثلاثين ألفاً من الذين آمنوا بيسوع دون البابا، واتخذوا الكتب المقدسة وحدها هدى وإرشاداً لإيمانهم وأعمالهم، وقد قتلت أيضاً منهم ألوف وربوات بحد السيف والحبوس والكلبتين، وهي آلة لتخليع المفاصل بالجذب، وأفظع العذابات المتنوعة. ففي فرنسا قتل في يوم واحد ثلاثون ألف رجل وذلك في اليوم الملقب بيوم ماريرثو لماوس، وعلى هذا الأسلوب أذيالها مختضبة بدماء القديسين) انتهى كلامه بلفظه.
وفي الصفحة 338 في الرسالة الثانية عشر من الكتاب المذكور: (يوجد قانون وضع في المجمع الملتم في توليد وفي سبانيا يقول أننا نضع قانوناً: أن كل من يقبل إلى هذه المملكة فيما بعد، لا تأذن له أن يصعد إلى الكرسي إن لم يحلف أولاً أنه لا يترك أحداً غير كاثوليكي يعيش في مملكته، وإن كان بعد ما أخذ الحكم يخالف هذا العهد فليكن محروماً، فدام الإله السرمدي وليصر كالحطب للنار الأبدية). مجموع المجامع من كارتراوجه 404 (والمجمع اللاتراني يقول أن جميع الملوك والولاة وأرباب السلطنة فليحلفوا أنهم بكل جهدهم وقلوبهم يستأصلون جميع رعاياهم المحكوم عليهم من رؤساء الكنيسة بأنهم أراتقة، ولا يتركون أحداً منهم في نواحيهم، وأن كانوا لا يحفظون هذه اليمين فشعبهم محلول من الطاعة لهم) رأس 3 (وهذا القانون قد ثبت أيضاً في مجمع قسطنطيا) جلسة 45 (ومن رسم البابا مرتينوس الخامس) عن ضلال فيكل. (وفي اليمين التي حلفت بها الأساقفة تحت رياسة البابا بولينوس الثالث سنة 1551 يوجد هذا الكلام: أن الأراتقة وأهل الانشقاق والعصاة على سيدنا البابا وخلفائه هؤلاء بكل قوتي أطردهم وأبيدهم). والمجمع اللاتراني ومجمع قسطنطيا يقولون: (أن الذي يمسك الأراتقة له إذن وسلطة أن يأخذ منهم كل ما لهم ويستعمله لنفسه من غير مانع) مجمع لا تراني 4 مجلد 2 فصل 1 وجه 152 ومجمع قسطنطيا جلسة 45 مجلد 7 (والبابا اينوشنيسوس الثالث يقول أن هذا القصاص على الأراتقة نحن نأمر به كل الملوك والحكام ونلزمهم إياه تحت القصاصات الكنائسية) رسم 7 كتاب 5.
وفي سنة 1724 وضع الملك لويس الحادي عشر ثمانية عشر قانوناً.
أولها: أننا نأمر أن الديانة الكاتوليكية وحدها، مأذونة في مملكتنا، وأما الذين يتمسكون بديانة أخرى فليذهبوا إلى الاعتقال طول حياتهم، والنساء فلتقطع شعورهن ويحبسن إلى الموت.
وثانيها: أننا نأمر أن جميع الواعظين الذي جمعوا جماعات على غير العقائد الكاتوليكية، والذين علموا أو مارسوا عبادة مخالفة لها يعاقبون بالموت. وفي مخاطبة الأساقفة في سبانيا للملك سنة 1765 يقولون له أعط الرسوم كل قوتها، والديانة كل مجدها، لكن تسبب هذه المقالة منا تجديد قوانين سنة 1724 المذكورة: (وكان من جملة رسوم إنكلترا تحت رياسة البابا أن كل من يقول أنه لا يجوز أن يسجد للايفونات يحبس في السجن الشديد حتى يحلف أنه يسجد لها، والأسقف أو القاضي الكنايسي له  سلطان أن يحضر إليه، أو يحبس كل من يقع عليه الشبهة أنه أراتيكي، والأراتيكي العنيد فليحرق بالنار قدام الشعب، وجميع الحكام فليحلفوا أنهم يعينون هذا القاضي على استئصال الأراتقة الذين عندما تظهر أرتقتهم تسلب أموالهم ويسلمون إليه، وتمحى خطاياهم بلهيب النار). كوك فرائض عدد 3 وجه 40 و 41 وأيضاً عدد 4 وجه 15 (وبارونيوس يقول أن الملك كارلوس الخامس، كان يظن برأيه الباطل، أنه يستأصل الأراتقة ليس بالسيف بل بالكلام، وفي فهرس الكتاب المقدس المطبوع في رومية باللاتيني والعربي تحت حرف الهاء يوجد هذا التعليم: أن الأراتقة ينبغي لنا أن نهلكهم ويورد الإثبات على ذلك أن الملك ياهو قتل الكهنة الكذبة وإيليا ذبح كهنة باعل، وغير ذلك. فإذن هكذا ينبغي لأولاد الكنيسة أن يهلكوا الأراتقة).
ثم في الصفحة 347 و 348: (المؤرخ منتوان المتقدم في رياسة الكرمليين مع غيره من المؤرخين، يخبرنا عن كاروز بالإنجيل معتبر يقال له ثوما من رودن، أحرقه البابا بالنار لأنه كرز ضد فسادات الكنيسة الرومانية، والمؤرخون يدعونه قديساً وشهيداً حقيقياً للمسيح).
وفي الصفحة 350 إلى 355: (في سنة 1194 أمر الديفونسو ملك اراغون في إسبانيا بنفي الواضيين من بلاده، لأنهم أراتقة.. وفي سنة 1206 رغماً عن الأمير رايمون وإلى مدينة ثولوس، أرسل البابا قضاة بيت التفتيش إلى تلك المدينة، لأن الأمير المذكور كان قد أبى أن ينفي هؤلاء الواضيين، ثم بعد قليل أرسل ملك فرنسا بطلب البابا إلى تلك المدينة ونواحيها عسكراً، عدده ثلثمائة ألف، فحاصر الأمير رايمون في مدينته لأجل المحاماة عن نفسه، ولكي يدفع القوة بالقوة، فانذبح في ذلك القتال ألف ألف، وانكسر أهل رايمون وأحاط بهم كل صنف من الإهانات والعذابات، وكان البابا في حركة هذه الحروب يقول لقومه: إننا نعظمكم ونحتم  عليكم أن تجتهدوا في ملاشاة هذه الأرتقة الخبيثة أرتقة الألبجيين أي الواضيين وتطردوهم بيد قوية أشد مما يكون ضد الساراجين أي المسلمين.. وفي سنة 1400 في آخر شهر كانون الأول، قام أهل البابا بغتة على الواضيين في أوديابيت مونت بلاد ملك سردينيا، فهربوا من وجوههم بلا قتال، ولكن قتل كثيرون بالسيف وكثيرون ماتوا بالثلج، ثم أن البابا بعد ذلك بسبع وثمانين سنة، كلف البرتوس ارشيديا كونوس في مدينة كريمونا أن يحارب الواضيين في النواحي القبلية من فرنسا، وفي أوديابيت مونت، حيث بقي البعض منهم من الذين رجعوا بعد الحرب في سنة 1400، وهذا الرجل المذكور تقدم حالاً ومعه ثمانية عشر ألف محارب، وأقام تلك الحرب التي استمرت نحو ثلاثين سنة على المسيحيين الذين قالوا: نحن في كل وقت نكرم الملك ونؤدي الجزية، ولكن أرضنا وديانتنا التي ورثناها من اللّه ومن آبائنا لا نريد أن نتركها، وفي كالابريا من بلاد إيطاليا سنة 1560 قتل ألوف ألوف، من البروتستنتيين، بعضهم قتل من العسكر وبعضهم من محكمة بيت التفتيش. قال أحد المعلمين الرومانيين: إنني أرتعد كلما أفتكر بذلك الجلاد والخنجر الدموي بين أسنانه والمنديل يقطر دماً بيده وهو متلطخ بيديه إلى الأكارع، يسحب واحداً بعد واحد من السجن، كما يفعل الجزار بالغنم.. وفي سنة 1601 نفى دوك السافوي خمسمائة عيلة من الواضيين.. وأيضاً سنة 1655 وسنة 1676 تجددت الاضطهادات عليهم في أوديابيد مونت، لأن الملك لويس الرابع عشر بإشارة من البابا تقدم إليهم بجيشه، وهم في بيوتهم بغاية الطمأنينة، فذبح العسكر خلقاً كثيراً منهم، ووضعوا في الحبس أكثر من عشرة آلاف، فمات كثير منهم من الزحام والجوع، والذين سلموا أخرجوهم لكي ينزحوا من تلك البلاد، وكان ذلك اليوم شديد البرد والأرض مغطاة بالثلج. والجليد، فكان كثير من الأمهات وأولادهن في أحضانهن موتى على جانب الطريق من البرد.. وكارلوس الخامس سنة 1521، أخرج أمراً في طرد البروتستنتيين في بلاد فلامنك عن رأي البابا، وبسبب ذلك قتل خمسمائة ألف نفر.. وبعد كارلوس تولى ابنه فيلبس، ولما ذهب إلى إسبانيا سنة 1559، استخلف الأمير ألفاً على طرد البروتستنتيين، والمذكور في أشهر قليلة قتل على يد الجلاد الملوكي الشرعي ثمانية عشر ألفاً، وبعد ذلك كان يفتخر بأنه قتل في كل المملكة ستة وثلاثين ألفاً، والقتيل الذي يذكره المعلم كين في عيد ماربرثولماس، كان في 24 آب سنة 1572 في وقت السلامة الكاملة وكان (الملك ملك فرنسا قد وعد بأخته لأمير نافار وهو من علماء البروتستنتيين وأشرافهم، ثم اجتمع هو وأصدقاء أعيان كنيستهم في باريس لأجل استتمام الوعد بالزواج، ولما ضربت النواقيس لأجل الصلاة الصباحية، قاموا بغتة حسب اتفاقهم السابق على الأمير وأصحابه، وعلى جميع البروتستنتيين في باريس، فذبحوا منهم للوقت عشرة آلاف نفر، وهكذا جرى أيضاً في روين وليون وأكثر المدن في تلك البلاد، حتى قال البعض من المؤرخين أنه قتل نحو ستين ألفاً، واستمر هذا الاضطهاد مدة ثلاثين سنة، لأن البروتستنتيين مسكوا سلاحهم لكي يدفعوا القوة بالقوة، ومات في هذا الحرب منهم تسعمائة ألف، ولما سمع في رومية فعل ملك فرنسا في عيد ماربرثولماوس أطلقوا المدافع من الأبراج، وذهب البابا مع الكرديناليين ليرتل مزمور الشكر في كنيسة ماربطرس، وكتب شكراً وتعظيماً للملك على الخير والجميل الذي صنعه مع الكنيسة الرومانية بهذا العمل، فلما جلس الملك هنري الرابع على كرسي فرنسا قطع هذا الاضطهاد سنة 1593. ولكن يظن أنه قتل لأجل عدم تسليمه بالاغتصاب في أمر الدين. ثم إنه في سنة 1675 تجدد الاضطهاد وبعد ما قتل خلق كثير يقول المؤرخون أن خمسين ألفاً اضطروا أن يتركوا بلادهم لكي ينجوا من الموت) انتهى كلامه، ونقلت عبارة هذا الكتاب بألفاظها من الرسالة الثانية عشر.
وإذا عرفت حال ظلم فرقة كاتلك، فاعلم أن حال ظلم فرقة بروتستنت قريب منه، وأنقل هذا الحال عن كتاب مرآة الصدق الذي ترجمه القسيس طامس  انكلس من علماء كاتلك، من اللسان الإنكليزي إلى أردو، وطبع سنة 1851 من الميلاد. ويوجد هذا الكتاب عند أهل هذه الفرقة في الهند كثيراً. في الصفحة 41 و 42: (سلب بروتستنت في ابتداء أمرهم ستمائة وخمسة وأربعين رباطاً، وتسعين مدرسة، وألفين وثلثمائة وستة وسبعين كنيسة، ومائة وعشر مارستانات من ملاكها، فباعوا بثمن بخس وقاسمها الأمراء فيما بينهم، وأخرجوا ألوفاً من المساكين المفلوكين عريانين من هذه الأمكنة). ثم قال في الصفحة 54: (امتد طمعهم أنهم ما تركوا الأموات أيضاً آذوا أجسادهم في نوم العدم وسلبوا أكفانهم).
ثم قال في الصفحة 48 و 49: (وضاعت في هذه الغنائم كتبخانات ذكرها جيء بيل متحسراً بهذه الألفاظ: إنهم سلبوا كتباً واستعملوا أوراقها في الشواء، وفي تطهير الشمعدانات والنعال، وباعوا بعض الكتب على العطارين وباعة الصابون، وباعوا كثيراً منها ما وراء البحر على أيدي المجلدين، وما كانت هذه الكتب مائة أو خمسين، بل المراكب كانت مملوءة منها، وأضاعوها بحيث تعجب الأقوام الأجنبية، وإني أعلم تاجر اشترى كتبخانتين كلا منهما بعشرين ربية. وبعد هذه المظالم ما تركوا من خزائن الكنائس إلا جداراً عريانة، ثم ظنوا أنفسهم من أهل الوقار وملؤوا الكنائس من أناس من أهل ملتهم). ثم قال في الصفحة الثانية والخمسين إلى الصفحة السادسة والخمسين: (فلنلاحظ الآن أفعال الجور التي فعلها بروتستنت في حق فرقة كاتلك إلى هذا الحين، أنهم قرروا أزيد من مائة قانون كلها خلاف العدل والرحمة، لأجل الظلم، ونحن نذكر عدة من هذه القوانين الجورية:
[1] لا يرث كاتلك تركة أبويه.
 [2] لا يشتري واحد منهم أرضاً بعد ما يجاوز عمره ثماني عشر سنة إلا أن يصير بروتستنت.
[3] لا يكون لهم مكتب.
[4] لا يشتغل أحد منهم بالتعليم ومن خالف هذا الحكم يحبس دائماً.
[5] من كان من هذه الملة يؤدي ضعف الخراج.
[6] إن صلى أحد من قسوسهم فعليه أداء ثلثمائة وثلاثين ربية من ماله، وإن صلى أحد منهم ولا يكون قسيساً فعليه أداء ربية ويسجن سنة.
[7] إن أرسل أحد منهم ولده خارج إنكلترا للتعليم، يقتل هو وولده ويسلب أمواله ومواشيه كلها.
[8] لا يعطى لهم منصب من الدولة.
[9] من لم يحضر منهم يوم الأحد أو العيد في كنيسة بروتستنت، تؤخذ منه مائتا ربية في كل شهر، ويكون خارجاً عن الجماعة، ولا يعطى له منصب.
[10] من ذهب منهم بعيداً من لندن مسافة خمسة أميال، يؤخذ منه ألف ربية مصادرة.
[11] لا يسمع استغاثة أحد منهم عند الحكام بحسب القانون.
[12] ما كان أحد منهم يسافر أزيد من خمسة أميال، مخافة أن ينهب ماله ومتاعه، وكذا ما كان أحد منهم يقدر على الاستغاثة في أمر عند الحكام، مخافة أن يؤخذ منه ألف ربية مصادرة.
[13] لا تنفذ أنكحتهم ولا تجهيز موتاهم ولا تكفين الموتى ولا تعميد أولادهم، إلا إذا كانت هذه الأمور على طريقة كنيسة إنكلترا.
[14] إن تزوجت إحدى نساء هذه الملة، تأخذ الدولة من جهازها ثلثين، ولا ترث من تركة زوجها، ولا يوصي زوجها لها من تركته بشيء، ونساؤهم كن يحبسن إلى أن يعطي أزواجهن عشر ربيات في كل شهر أو يعطوا ثلث أراضيهم إلى الدولة.
[15] ثم صدر الحكم عاقبة الأمر إن لم يصر كلهم بروتستنت يسجنون ثم يجلون من أوطانهم مدة حياتهم، وإن أبوا عن الحكم أو رجعوا من الجلاء بدون الأمر كانوا ملزمين بإلزام عظيم.
[16] لا يحضر القسيس عند قتلهم ولا عند تجهيزهم وتكفينهم.
[17] لا يكون السلاح في بيت أحد منهم.
[18] لا يركب أحد منهم على حصان يكون ثمنه أزيد من خمسين ربية.
[19] إن أدى قسيس منهم أمراً من الخدمات المتعلقة به يسجن دائماً.
[20] القسيس الذي يكون مولده إنكلترا، ولا يكون من ملة بروتستنت، إن أقام أزيد من ثلاثة أيام في إنكلترا يتصور أنه غدار ويقتل.
[21] من أنزل القسيس المذكور على مكانه يقتل.
[22] لا تقبل شهادة كاتلك في العدالة.. وقتل على هذه القوانين الجورية في عهد الملكة اليصابت مائتان وأربعة أشخاص. كان مائة وأربعة منهم قسيسين والباقون من أهل الغنى، وما كان ذنبهم غير أنهم أقروا أنهم من ملة كاتلك، ومات تسعون قسيساً وكبار آخرون في السجن، وأجلى مائة وخمسة أشخاص مدة حياتهم، وضرب كثيراً منهم بالسياط وصودروا وحرموا من أموالهم، حتى هلك عشيرتهم، وقتلت ميري المشهورة ملكة أسكات، وكانت بنت الخالة للملكة اليصابت، لأجل كونها من ملة كاتلك).
ثم قال في الصفحة الحادية والستين إلى السادسة والستين: (حمل كثير من رهبانهم وعلمائهم بأمر الملكة اليصابت في المراكب، ثم أغرقوا في البحر. جاء  عساكرها إلى إيرلاند ليدخلوا أهل ملة كاتلك في ملة بروتستنت، فأحرقوا كنائس كاتلك وقتلوا علماءهم، وكان يصطادونهم كاصطياد الوحوش البرية، وكانوا لا يؤمنون أحداً وإن أمنوا أحد قتلوه أيضاً بعد الأمان، وذبحوا العسكر الذي كان في حصن سمروك وأحرقوا القرى والبلاد، وأفسدوا الحبوب والمواشي وأجلوا أهلها بلا امتياز المنزلة والعمر. ثم أرسل بارلمنت سنة 1643 وسنة 1644 الباشوات ليسلبوا جميع أموال كاتلك وأراضيهم بلا امتياز بينهم، وبقي أنواع الظلم إلى زمن الملك جيمس الأول وحصل التخفيف في الظلم في عهده ثم رحمهم الملك سنة 1778، لكن البروتستنتيين سخطوا عليه وقدموا عرضحال إلى السلطان من جانب أربعة وأربعين ألفاً من فرقة بروتستنت في ثاني حزيران سنة 1780، واستدعوا أن يبقى بارلمنت القوانين الجورية في حق ملة كاتلك كما كانت. لكن بارلمنت ما التفتوا إليه فاجتمع مائة ألف من بروتستنت في لندن وأحرقوا الكنائس وهدموا أمكنة كاتلك. وكان الحريق يرى من موضع واحد في ستة وثلاثين مكاناً، وكانت هذه الفتنة قائمة إلى ستة أيام، ثم أوجد الملك قانوناً آخر سنة 1791 وأعطى ملة كاتلك حقوقاً هي حاصلة لهم إلى هذا الحين.
ثم قال في الصفحة 73 و 74: (ما سمعتم حال جارتراسكول الذي هو في ايرلاند هذا الأمر محقق، أن بروتستنت يجمعون في كل سنة مقدار مائتي ألف وخمسين ألف ربية، وكراء أكثر المكانات الكبيرة، ويشترون بها أولاد فرقة كاتلك الذين هم من المساكين المفلوكين. ويرسلوا بهم في العربيات إلى إقليم آخر بالخفية، لئلا يرى آباؤهم وأمهاتهم، ويقع كثيراً أن هؤلاء الأشقياء إذا رجعوا إلى أوطانهم، تزوجوا بأخواتهم أو إخوتهم أو آبائهم أو أمهاتهم للجهل وعدم الامتياز) انتهى كلامه.
والظلم الذي صدر عن بعض فرق بروتستنت بالنسبة إلى بعض آخر، لا أنقله  حذراً من التطويل، وأكتفي على هذا القدر، وأقول: انظروا إلى هؤلاء الطاعنين على الملة المحمدية إنهم كيف أشاعوا ملتهم بالجور والظلم.
(الأمر الخامس) أن حكم الجهاد في الشريعة المحمدية هكذا يدعى الكفار أولاً بالموعظة الحسنة إلى الإسلام، فإن قبلوه فبها ويكونون كأمثالنا، وإن لم يقبلوا فإن كانوا من مشركي العرب فحكمهم القتل، كما كان هذا الحكم في الشريعة الموسوية في حق الأمم السبعة والمرتد والذابح للأوثان والداعي إلى عبادتها، وإن كانوا من غيرهم يدعون إلى الصلح بقبول الجزية والإطاعة، فإن قبلوا صارت دماؤهم كدمائنا، وأموالهم كأموالنا، وإن لم يقبلوا فيحاربون، مع مراعاة الشروط التي هي مصرح بها في كتب الفقه. كما كان مثله في الشريعة الموسوية في حق غير الأمم السبعة. والخرافات الني نقلها علماء بروتستنت في بيان هذه المسألة بعضها مفتريات وبعضها هذيانات.
وأنقل كتاب خالد بن الوليد رضي اللّه عنه إلى رئيس عسكر فارس وكتاب الأمان من عمر رضي اللّه عنه لنصارى الشام ليظهر الحال على الناظر اللبيب.

0 التعليقات:

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites