hhhh

4587

juiol

قدوم صولت النساء


قدوم صولت النساء

قدمت امرأة هندية من كلكتا في عام 1289 هـ للحج اسمها صولت النساء بيغم وكانت عازمة على إنشاء رباط في مكة المكرمة على عادة أهل الخير في ذلك الزمان
لسكنى الحجاج وحفظ أمتعتهم، وكانت تسمع بصاحب المناظرة المشهورة الشيخ رحمت الله، لكنها لا تعرفه فتوصلت إليه عن طريق زوج ابنتها الذي كان يحضر دروس الشيخ واستشارته في أمر الرباط فأخبرها بكثرة الأربطة وأن أبناء مكة بحاجة إلى مدرسة، وبها يحصل الأجر والثواب العظيم، وفوضت الشيخ بشراء الأرض والإشراف على البناء فاشترى ارضا بمحلة الخندريسة وبوشر في البناء ووضع الشيخ بيده حجر الأساس لأول مدرسة دينية نظامية في الحجاز بجانب البيت العتيق صباح يوم الأربعاء 15 شعبان سنة 1290 هـ وتم افتتاح وانتقال الطلاب والمدرسين إليها في الرابع عشر من محرم سنة 1291 هـ في احتفال كبير حضره علماء مكة وأعيانها وانتظمت فيها الدراسة وسائر الترتيبات كما كان يريد الشيخ، ورفض أن يطلق اسمه على المدرسة وأطلق عليها اسم (الصولتية) إكراما للمحسنة الفاضلة، وكان أول درسين أعطيا في هذه المدرسة هما : ـ درس القرآن الكريم على يد الشيخ إبراهيم سعد. ـ ودرس الحديث من صحيح البخاري على يد المؤسس عليهما رحمة الله. هذا وقد حاولت القنصلية الإنجليزية في جدة إغلاق المدرسة بإيحائهم إلى الوالي العثماني أنها تشكل حركة أجنبية تعمل داخل البلاد، وبذلوا كل جهد لإيقافها فلم يفلحوا لأن الخطة التي رسمها الشيخ للمدرسة ضمنت استمرارها. وملخص هذه الخطة وجوب ابتعاد الطلاب والمدرسين عن الأمور السياسية والخلافات المذهبية والعصبيات القومية، وكانت لهذه الخطة التي ما زالت المدرسة سائرة عليها إلى اليوم الأثر الفعال في إبعاد الطلاب عن كل ما يشغلهم عن العلم، مما ساعد على دوامها رغم أنقراض غيرها من المدارس التي أنتشئت بعدها. كان يتبع للمدرسة الصولتية قسم داخلي للطلاب الفقراء والغرباء يوفر لهم المسكن والمأكل مجانا، كما يتبع لها مسجد بناه الشيخ رحمت الله من حجارة مكتبة الحرم سنة 1302 هـ، عندما هدمتها الحكومة العثمانية لقربها من زمزم ومضايقتها للحجاج، وكان الشيخ قد طلب الحجارة من والي مكة عثمان نوري باشا، ولما وافق باع الشيخُ داره لإتمام بناء المسجد والقسم الداخلي، وللمدرسة مكتبة علمية كبيرة تضم آلاف الكتب العربية والفارسية والأردية والإنجليزية. و بتخرج الفوج الأول من طلاب هذه المدرسة زادت حلقات العلم في المسجد الحرام، كما زاد عدد القراء والعلماء الذين تخرجوا منها ورجعوا إلى بلادهم يؤسسون المدارس الدينية ودور القرآن الكريم في إندونيسيا والهند وماليزيا ومختلف أنحاء العالم الإسلامي، وقد شغل المتخرجون منها من جميع الأفواج مناصب هامة في مختلف الوزارات والدوائر الحكومية. وقد جعل الشيخ رحمت الله خليفته ونائبه في إدارة المدرسة الشيخ محمد سعيد ابن أخيه علي أكبر، وفي عهده زار الملك عبد العزيز آل سعود هذه المدرسة في 28 جمادي الآخرة سنة 1344 هـ وبرفقته الشيخ محمد نصيف والشيخ يوسف ياسين وتفقد فصولها وأقسامها وبناياتها وأثنى على القائمين عليها وقال : (إن الصولتية هي أزهر بلادي). ولما توفي الشيخ محمد سعيد في 17/11/1357هـ (تعالى) خلفه ابنه الشيخ محمد سليم وفي عهده تمت معادلة شهادة المتخرجين التي تمنحها هذه المدرسة واعترف بها الأزهر بتاريخ 17/7/1964م، وهي تعادل الثانوية العامة وتؤهل المتخرجين للالتحاق بالجامعات السعودية والكليات الأزهرية، وقد توفي الشيخ محمد سليم في 2/8/1397هـ (تعالى) فخلفه ابنه الشيخ محمد مسعود المولود عام 1352 هـ وفي عهده قال الأستاذ عبد الوهاب أحمد عبد الواسع وكيل وزارة المعارف السعودية :(وإذا أردنا أن نقرر واقع الحركة التعليمية رغم سوئه، فإن بداية القرن التاسع عشر كانت بداية إرهاصات تعليمية ظهرت في الافق على يد أبناء البلاد وبعض الجاليات الإسلامية وأهمها المدرسة الصولتية بمكة). وقد توفي الشيخ محمد مسعود في 27/8/1412هـ فخلفه ابنه الشيخ ماجد سعيد وما زال مديرا للمدرسة وهو يبذل جهده وعمره في خدمة أبناء المسلمين وفقه الله تعالى.

0 التعليقات:

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites